جـمـيـل يـــا حبـيـبـي - مانع سعيد العتيبه

جميل يا حبيبي أن نسافر
فإن الخير في الأسفار وافر

وإني أعشق الترحال حتى
كأني قد خلقت بروح طائر

ولي في كل ترحال جديد
حكايا مالها في الحب آخر

فهل أروي حبيبي ما جرى لي
وأظهر كل ما تخفي السرائر

أم ان الإعتراف إليك يشقي
بتبديل المواقف والمشاعر

أغامر حين أختار اعترافي
وإنك طيب سمح وغافر

وتبدأ قصتي في ذات يوم
من الأيام فيه الجو ماطر

لعاصمة الضباب وصلت حتى
أريح النفس من سود الخواطر

فزاد ضبابها ضيقي وهمي
وما لاقيت في همي المشاطر

وقلت لعلني ألقى عزاء
إذا زرت المعارض والمتاجر

ومابي حاجة لشراء شيء
ولكن رمت تغير المناظر

دخلت إلى " هرودز " وقلت هل لي
بثوب رائع التفصيل فاخر

أقدمه إليك حبيب قلبي
لتسلب حين تلبسه النواظر

وصرت أقلب الأثواب بحثا
عن الراقي المثير من الحرائر

وحولي الناس محتشدون هذا
توقف للشراء وذاك سائر

ولم أر غير وجهك يا حبيبي
كأنك في جميع الناس حاضر

وأعجبني من المعروض ثوب
فدكت أزف في سري البشائر

ولكني انتبهت إلى نداء
يقول : تحية يكفي خسائر

ولم أنطق فقد عقدت لساني
حلاوة بسمة وعيون ساحر

ومدت للسلام يدا عليها
خضاب من دم الأزهار زاهر

وحين لمستها ودعت أمني
وخضت غمار بحر من مخاطر

فقالت بعد شهدت ذهولي
لماذا أنت مندهش وحائر

تمعن بي تأملني تذكر
أنا سلمى الصغيرة بنت جابر

أنا من كنت تلهيها بحلوى
وكانت تسكن البيت المجاور

أنا سلمى وغاب الفكر عني
إلى ماض من الأيام غابر

وردتني إلى ما فات ذكرى
فقلت : نعم أنا والله ذاكر

تركت الثوب فوق الأرض ملقى
لأرضي نزوة القلب المغامر

ومع سلمى خرجت وموج شوقي
إلى فردوسها هال وهادر

ومع أني استجرت بطوق صبري
فلم يسلم من الأمواج صابر

إلى المقهى القريب صحبت سلمى
وألجم لهفتي الصبر المكابر

وحين تسارعت دقات قلبي
وقال الحب : يا مجنون حاذر

وجدت يدي تمد بلا شعور
إلى يدها وترفض أن تغادر

تخفت تحت طاولة يدانا
عن الأنظار واشتعلت مجامر

أذاب الثلج في أنحاء كفي
حرارة كفها فالدفء غامر

وطال حديث أيدينا وغبنا
عن الدنيا وعن ماض وحاضر

ولكن فجأة هزت فؤادي
دموع مثل طعنات الخناجر

صرخت وقلت : مالك يا سليمى
فصاحت بي : كفى دعني وسافر

ولا تزعم بأنك ذبت حبا
فهذا الحب مثل الريح عابر

هنا في جو غربتنا التقينا
لقاء العود مع جمر المباخر

فدعنا نفترق من غير جرح
عميق في صميم القلب غائر

لأنك عاشق غيري وغيري
أحق بفيض شعرك والمشاعر

وذابت في زحام الناس سلمى
كما ذاب الأسى في قلب شاعر

وما حاولت منع الدمع لما
أطل كما يطل عليك زائر

وتلك حكايتي بل واعترافي
أمامك يا حبيب الروح سافر

فإن تغضب علي فذاك حق
وإن تغفر فممتن وشاكر

© 2024 - موقع الشعر