سُعَاْدٍ وَقَبْري والسّماء - ماجد الزيد الخالدي

بَدَأتُ عَلَى مَا كَانَ مِنّي و ما بِيَا
وَيَجْري عَلى الأيَام ِ قَوْلاً لِسَانيا

فَيَبْكي على خير القتيلينِ كلّما
تراءت لي الأفلاكُ والقفرُ خاليا

وأبكي دهوراً فوق أطلال ما مضى
أيبْني على غرِّ الدّهورِ هوافيا

وأسعى إلى موتي حثيثاً وخاطباً
أكفَّ المنايا راغباً عن زمانيا

فما نال منّي الموتُ والحزنُ نالَني
أ ليثاً يُسام الظيمَ والكلبُ عاليا

زمانٌ أرى فيه الهجاريس سُلطت
على ليث غاباتٍ منيع المكانيا

زمانٌ إذا ما جاء يوماً لفاتك ٍ
لتشكي أكفُّ البيدِ جدْع الحصانيا

زَمَانٌ بِهِ ِ دَالَتْ مِنَ الذُّلِّ دَوْلَةٌ
وَ قَامَتْ بِهِ ِ أُخْرَى وَ أُولَى تُعَاوِيَا

تَرَى فِيهِ حُكُامَاً صِغَارَاً ،عُرُوشُهُمْ
عَليْهَا بَغَايَا مِنْ صَلائَبِ زَانِيَا

فَفِي الرُّوم ِ دَقَّوا للمَلاحِمِ رَجْرَجَاً
لَهُ فِي بِلادِ العُرْبِ صَوْتاً مُدَاويَا

وَ سَارُوا عَلَى أَمْر ٍ ثَمَانِينَ غَايَةٍ
مِنَ الألْفِ أَلْفاً فِي جَحَافِلِ عَادِيَا

أَنَوْمَاً بِنِّو قَوْمِي ثََمَانِينَ حُجَّةً
وَ فِي مُلْهِيَاتِ الدَّهْرِ قَوْمِي غَوَافِيَا

فَصَاحَتْ بِبَطْنِ الأرْض ِ بِنْتٌ عَزِيزَةٌ
وَ تَنْخَى شَرِيفَاً مِنْ قُرَّيْشٍ فآتِيَا

وَ تَنْخى بَنِي عَدْنَانَ هُبُّوا لنَجْدَة ٍ
بِأسْيَاف ِ صِدْق ٍ كُلَّ أَعْبَسَ ضَامِيَا

وَ نِيرَانُ كِسْرَى قَدْ تَأجَّجَ شَرُّهَا
أَضَاءَتْ بِفَآرَانٍ رُؤُوسَ العَوَالِيَا

بِنَوْمِي رَأَيْتُ الشَّرَ عِمْلاقَ قَدْ نَهَض
فَيَا وَيْلُ مَنْ لَمْ يَتّقِّ بِالنَّزَارِيَا

زمانٌ كأن العزَّ فيهِ محرمٌ
ويقتادني رُغْماً إلى الجُرْمِ غاويا

وإنّي على ذنبٍ عظيم ٍ وقاتل ٍٍ
ويُسقي بكاساتِ الذنوبِ فؤاديا

أصبُّ على الغاوينَ ذنبي فيذنبوا
تَراهُم سكارى يشربونَ قوافيا

وإنّي ولو أنّي من الناسِ لحظةً
تناسيت حزناً جاءني اليومُ ثانيا

فما بين معتركٍ ومعتركٍ أرى
أيادي المصائبَ قد شددنَ عنانيا

وإنَّ شفائي طفلةٌ عربيةٌ
أقول لها عن داهيات الدواهيا

عريبيةٌ تربا و حوراءُ عينُها
من الزّعفرانِ الجسمَ مخلوقَ راويا

وريقٌ لها لو جاء في البحرِ بعضُهُ
لصارَ الأُجاجُ الملحُ عذباً وحاليا

تقرّبت منها عاشقاً ألفَ ليلةٍ
فلمّا بلغتُ الوصلَ قالت حذاريا

وانّي لأرجوها على النفسِ طفلةً
وحق ِ الذي أبدى إليَّ بما ليا

وإنّي لها الركنُ الشديدُ فما هوت
وإني لها ما للمقامِ اليمانيا

عطوفٌ عليها مشفقٌ عند رأسها
لها أقطفُ الجوزاءَ عند التراضيا

رؤوفٌ رحيمٌ كلما جاء ذِكرُها
وإنْ كُنتُ جباراً وهولاًً حساميا

وانّي لها روحٌ ونفسٌ وخافقٌ
فمالي أعزُّ الدّمعَ عنّها علانيا

سعادٌ عنت نفسي وإنّي نهرتُها
فصاحت كطفلٍ جاءَهُ الموتُ دانيا

تحنُّ إلى لقياكِ نفسي وأصطبر
فأرمي بِها ليلي وليلي رمانيا

إذا ما بدا منْكِ جفاءٌ وقسوةٌ
وأنيابُ دهري كُشّرت لي ثمانيا

رميتِ بنفسي ياسعادُ لمقتلي
ينوحُ علي الليلُ لمّا نعانيا

فياليت نفسي حينَ جئتُك ِغاضباَ
أتاني لنفسي الموتُ حتّى طوانيا

فيطوي على أضلاعِ صدري حبائلاً
يلوّي بها روحي وتُلْوى الأمانيا

سعادٌ على أضلاعِكِ قد تعلّقت
أكفّي فترجو الصّفح مما دهانيا

دهاني فراقٌ ليس واللهِ مثلُهُ
فراقاً وقبري ياسعادُ ندانيا

سعادٌ يصيح القبرُ لي في ثلاثةٍ
وإنّي مجيبٌ داعياً قد دعانيا

تعلّقتُ مابينَ السماء ِ وبينَها
قتيلاً لها مالي عليَّ بواكيا

فأبكي فراقَ الأهلِ يوماً و أصطرخ
فراقي سعادُ الدهّرَ ماعشتُ باكيا

فَيَا رَبِّ قَرَّبْنِي لَها عِنْدَ مَقْتَلِي
شَهِيدَاً وَ نَفْسِي مَهْرُهَا يَا إِلَهِيَا

وَ يَا رَبِّ لا تَجْعَلْ عَلَى الأرْضِ حُفْرَتِي
بِبَحْر ٍ دَنَا بَحْرَاً عَنِ النَّاسِ خَافِيَا

أَطُوفُ بِجَوْفِ الخُضْرِ فِي كُلِّ جَنَّة ٍ
وَ أُمْسِي بِعَرْشِكَ يَا إِلَهِي رَاضِيَا

إِلَهِي إِلَهِي يَا إِلَهِي وَ خَالِقِي
دَعَوْتُ فَحَقِّقْ يَا إِلَهِي دُعَائِيَا

فَإنِّي إِلَهِي قَدْ بَدَأْتُ مَقَالَتِي
بَدَأْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي وَ مَا بِيَا

© 2024 - موقع الشعر