وضع يده في البحيرة، - قاسم حداد

وضع يده في البحيرة،
 
كمن يغمس ريشةً في قصعة الكلام
 
لم يكن من القصب ،
 
وليس للحب ما يمنح،
 
ولا بين الوحش ذئب جدير بوحدة الثلج .
 
يمضي ، يأخذه نحيب مكبوت،
 
بينه وبين البيت الليل وشكله
 
النوم و حلمه الأخير .
 
يزعم أنه ضارب في خريطة الناس
 
يعلن السفر ، ويعقد أحلافاً مع المكان.
 
روح مغلولة ،
 
و يرخي لمكوثه الجسد شلوا شلواً
 
يحصي عربات الليل ويفتح للحجر صداقة الحلم
 
ثلجه أكثر كثافة من كرم الطبيعة ،
 
وللجبل رسائل من مرفأ الليل
 
حجر خفيف يتأرجح ويتكلم مثل كتب في الرف.
 
لماذا تؤجل ذهابك وأنت ليس هنا
 
ولا يطالك غير الغائب وقرين القوافل .
 
2
 
لماذا تشيد القلاع و تسكنها
 
لينتابك فزع الزائر كأنه العدو ،
 
لا يسعك الوقت ولا المكان يكفيك.
 
3
 
من أين لك كل هذه الوحشة و أنت جنة النصال .
 
دع اليد في البحيرة وأفرش ريشة ً تطير بك
 
يزداد لك الأفق وتتأجل لأجلك المواعيد
 
دع الكلام على سجيته و أكتب
 
تقرأ الطبيعة ثلجك الكثيف .
 
4
 
جاء مكتظاً بالبكاء
 
لا الكتف له ولا النهر
 
يحصي قمصانه المتعبة لفرط الطريق
 
ويخدع النوم بالليل
 
لئلا تطاله يد المسافة .
 
متى ينام خفيف القلب هادئ الجوارح
 
منساباً مثل يتيمٍ نسيته الثواكل وغفلت عنه المرضعات .
 
يأتي كأنه لن يذهب ،
 
فيما هو يرتب أحجار الغرفة جاهزاً مثل كتيبة الهجوم.
 
يتهجى العبور كأنه في غياهب المنفى.
 
5
 
ذئب ليس لأسمه حروف
 
ووجره ريف الكتابة وخسارة الناس،
 
موغل في القطيعة ويعلن أنه الجسور .
 
6
 
سيذهب ،
 
سيذهب ،
 
لأنه لم يأت من مكان
 
سيذهب لكي يصدق أن للخريطة إسماً آخر
 
غير البيت وأنين القصب .
 
7
 
يا حب ، خذ منه الجسد وأترك له الروح،
 
ولا تجعل من سفره هجرةً
 
و أمسح برحمتك زجاج قنديله لكي يصيبه النوم
 
النوم لليلٍ واحدٍ قبل الموت وبعده .
 
يا حب .. هذا قرينك .. خذه
 
رسولاً كسولاً .. بين البحر والبحيرة
© 2024 - موقع الشعر