أنظرْ الآن ماذا فعلتَ بوردة الذئاب - قاسم حداد

أنظرْ الآن ماذا فعلتَ بوردة الذئاب
 
تاجكَ في شفير الغابة،
 
لها بكَ الوهمُ وعبثتْ بأخبارك خطيئةُ الحلم
 
تحاجزتما بما لا يُعطى وما لا يُؤخذ
 
ينتابها نوٌم الشهوة و يقظةُ الهوى
 
فتنالك طبيعة الباسل
 
لتفوز بنجاة الجنون ونور الحكمة.
 
بينكما صمتٌ كثيفٌ مثل رعد الأعالي
 
تتبادلان حديقة الإشارة مثل أجنّة تبتكر البوح
 
بينكما الوحشُ الفاتن
 
بينكما ما بين النصل والوريد
 
بينكما خشية الفقد ولهفة الروح .. بينكما .
 
تمد ذراع الغريق فيطالك الموج والنيلوفر المكنون.
 
تحتجّ بالمكان فتصاب بالوقت... الوقت والأقاصي.
 
أنظرْ الآن ماذا فعلت بوردة الذئاب
 
أنت الذي تقمّصتَ الحيوان والطير والغابة،
 
آنَ لكَ أن ترفل بالحرير والنيران ورحمة العاصفة.
 
انظر الآن،
 
تاجك تصقله الغيومُ وجواشنك ضحيةُ البهجة،
 
كأنكَ لم تعرف الحب ولم تنتخب النبيذ
 
روحٌ في الترنّح وجسدٌ في حقيبة المرض
 
وردةٌ خبأتها في غرفة الملاك،
 
صارت لك آلة الماء
 
تضعها في عروة القميص قبل أن تذهبَ إلى النوم.
 
ها أنت قرين الشظايا مثل لغمٍ ينفجر بين يديك
 
في حضنك الموحش
 
في الركن الحميم من جسدك الموشك على الهذيان.
 
ها أنت تمتدُّ من شخصٍ يغتاله العدوُّ
 
وشخص تنتظره المراثي،
 
تمتدُّ من صديقٍ نافرٍ إلى فرسٍ تَهْشِلُ بكَ
 
وتضع التجربةَ بين عينيك والكلام.
 
أنظرْ الآن ماذا فعلتَ بوردة الذئاب.
 
في صحراء محكومة بالنسيان وبراكين الذاكرة.
 
أوشكتَ، إلا قليلاً،
 
أشرفتَ ، إلا قليلاً،
 
أشفقتَ...، لولا فسحة اليأس.
 
تماهيتَ عنها بالمستقبل لتصابَ معها بالحجر الكريم .
 
وعندما كاد الوقتُ والمكان،
 
تحدّرَ الشلالُ عليكَ في البرهة النادرة،
 
أنتَ الذي تجرّحَتْ حنجرتك لفرط الصمت.
 
أنت الذي حملت سركَ في موضع الروح
 
نظرتَ إلى الشرفة كمن يرى إلى المستحيل التاسع.
 
لا أنتَ من الرعية ولا تطالك شريعةُ الناس
 
لكنك بالغتَ في مديح المليكة أقلَ مما تستحق
 
وأكثرَ قليلاً من نصيبك في نزهة القصر.
 
وحين تماثلتَ للموت
 
وضعتْ يدها على قلبك المنتفض مثل نعمة الهواء.
 
فتراءتْ لكَ الجنةُ وصدّقتَ أن لكَ الريحُ والجناح.
 
لستَ الفارس
 
ولم تكن الفريسة ولا علّةٌ بكَ غير العشق.
 
مثل شخصٍ يشحذ الكلمةَ في شرفة الخلق
 
يدٌ ممدودةٌ في وحشة الكون.
 
ها يدها الكريمة عليك،
 
و عليكَ الرحمة،
 
أنظرْ ماذا فَعَلَتْ بكَ وردةُ الذئاب
© 2024 - موقع الشعر