خط الخطوط على غيابي - قاسم حداد

خط الخطوط على غيابي
 
حزن أمي و اتزان أبي ،
 
وحدادون مغروسون حتى نصفهم في الأرض
 
يسقون المسامير التي تحنو على سفنٍ ،
 
يروزون الحديد بريشة الميزان ،
 
و الخط الرشيق على ثيابي
 
يقرأ القرآن
 
يتلو في كتابي سورة الأحزاب.
 
حدادون يختلجون في ترف التراب
 
يؤثثون النوم بالحسرات
 
ويبدأ الترتيل ،
 
ينطفئون في ذهبٍ ويتقدون .
 
حدادون مصلوبون في حفرٍ مصفحةٍ
 
لتنثال الكتابة في نشيج النار
 
نهراًً في المجامر يوقظ الفولاذ.
 
كانت جنة الأسماء
 
تنتخب المواسم كي تعمد طفلها بالعشب
 
تبذل حضنها للطير و الحيوان
 
تخدع موتنا و غياب أسرانا.
 
وكانت قهوةً ويداً وأحداقاً مشرعةً ،
 
وترنيم البكاء على شهيد الناس .
 
جاءت من قطيف اللؤلؤ المسنون
 
من نخلٍ كثيفٍ سوف ينسانا ،
 
فهيأت الكلام لنا ، وشالت حزننا كالتاج .
 
كانت تستضيف البحر كي تحمي حديقتها
 
وتفتح للصدى تعريشةً يرتاح فيها قبل أن يهتاج .
 
كان موزعاً بين الحديد وكاسرات الموج
 
ضاعت مقلتاه ، كأنه حلم بعيد
 
سوف ينسى طفله المحبوس ،
 
لم يسأل كتاباً ،
 
لم يؤرخ لإسمه المخطوط في بيتين
 
من نومٍٍ ٍ و من سفرٍ .
 
تناول آلة التهذيب ، وهي زجاجة المشكاة ،
 
كي يحمي حديدته الوحيدة وهي تأخذه إلى امرأةٍ
 
لها تفاحة في سهرة الأسرى .
 
تخط له الخطوط وتستعير الصحن
 
كي تبكي على مرآتها
 
وتؤرجح الذكرى على ولدٍ يغيب ويختفي و يضيع .
 
حدادون ينتخبون آلة حربهم
 
من معدنٍ يحنو ويستعصي على النسيان .
 
مختبلون ، مثل تألق الوراق وهو مضرج بالحبر
 
مثل دماثة الميزان
© 2024 - موقع الشعر