رسالة إلى طفلين في الضفة الشرقية - فدوى طوقان

إلى كرمة وعمر
يا كرمتي أود لو أطير
على جناح الشوق لو أطير
لكن توقي يا صغيرتي مقيد أسير.....
يعجزني يا كرمتي العبور
فالنهر يقطع الطريق بيننا
وهم هنا يرابطون
كلعنة سوداء هم هنا يرابطون
قد نسفوا الجسور
وحرموني منك يا صغيرتي
وحرموا العبور
الموت رابض على النهر
الموت رابض لكل من عبر
يا كرم يا غزالتي
البعسل الصافي المضئ في العيون
يوحشني كثير
والخصل الشقراء مثل القمح، مثل-
موسم الحصاد في حقولنا
توحشني، توحشني كثير
أود لو أطير يا غزالتي
عبر المدى، أود لو أطير
يغرقني في لجه الحنين
وبالحنين والذكر
أفزع يا صغيرتي الى الشريط
ويملأ المكان صوتك الصغير:
خذوني الى بيسان
الى ضيعتي الشتائيه
الله يا بيسان
كانت لنا أرض هناك،
بيارة، حقول قمح ترتمي مد البصر
تعطي أبي خيراتها
القمح والثمر
كان أبي يحبها، يحبها،
كان يقول: لن أبيعها حتى ولو
أعطيت ملأها ذهب
واغتصب الأرض التتر
ومات جدك الحزين يا صغيرتي
مات أبي من حزنه
كانت جذوره تغوص في قرار أرضه
هناك، في بيسان
ويستمر يلعب الشريط
يدور كالزمن
حكاية طفلية هنا
وزقزقات ضحك كناك
ونكتة ذكية يرسلها عمر
يتعبني الحنين يا عمر
لوجهك القمر
هل ذاكر أيام كنت تطلع الجبل
تحمل لي إضمامة من زهر الجبل
قرن الغزال، والشقائق الحمراء والزرقاء
والحبق البري والشمر
هدية الربيع في بلادنا لنا
هدية المطر
...............
وأعبر النهر
وجسري الخيال يا أحبتي
وجسري الذكر
لو قدروا لقتلوا حتى الخيال
لسفكوا حتى دماء الحب والحنين-
والذكر
واحضن الطفوله
أبوس غرة الصباح في وجوهكم
أبوس أعين العسل
ثم يردني الى الكان واقعي المهين
وفي ضلوعي الشوق والصبار
وفي فمي مرارة اليقين
أحبتي الصغار خلف النهر يا أحبتي
عندي أقاصيص لكم كثيره
غير حكايا سندباد البحر
غير قصة الجني والصياد
وقمر الزمان والأميره
عندي أقاصيص هنا جديده
أخاف لو أروي لكم أحداثها
أطفئ في عالمكم ضياءه
أخاف أن أروع الطفوله
أهز في جزيرة البراءه
رواسي الأمان والسكينه
أخشي على دنياكم الصغيره
من قصص السجين والسجان
من قصص النازي والنازيه
في أرضنا، فانها رهيبه
يشيب يا أحبتي لهولها الولدان
لا تسألوا متى وكيف تنتهي
حكاية الشتات والضياع
لن تفهموا اليوم الجواب
وحين تكبرون يا أحبتي
تنبيكمو الأيام
ويومها ستحملون العبء مثلنا
وتأخذون الدور مثلنا
في قصة الكفاح
طويلة قصتنا، طويلة
حكاية الكفاح
ويومها يا كنزنا المنذور
ستعرفون
متى وأين يلتقي المشتتون
وكيف تنتهي حكاية الشتات
والضياع
© 2024 - موقع الشعر