ارؤيا هنري - فدوى طوقان

مستلهمة من لوحة "هنري" للفنان الأميركي وليم فولكنر
-1-
يا هذه العيون
مرآة أي عالم تراك؟ أي مشعلٍ
يضي في قرارك؟
مدي لنا خيوط ضوئك الفريد
نسج لنا من الخيوط سلّماً
يفُضي إلى
رحاب هذا المرفأة الأمين
نحن الحيارى التائهون
نحن اليتامى الخائفون
تقوَّضت أركان أرضنا ولوَّثت
برءة الأرض الوحول، لا نقاء
لا حب، لا صفاء
يعمر قلب أرضنا، يا هذه العيون
أم أي نبع حب
يدفق تحت هذه العيون
نحن العطاش جف فينا النسغ
ماتت الجذور
تربتنا العقيم لا تغل، لا تهب
أتى عليها الملح، تحت الملح مات
كل خصب
لو قطرة من نبعك الحنون
لو قطرة تعيد خفقة الحياة
في البذور
أم أي رؤيا في قرار هذه العيون
رؤياك عالم معافى الروح
مثل طفل
لم يرخ فوقه التشوش المقيت
فضل ظل
رؤياك عالم صفت
آفاقه من الغيوم
وغسلت أعماقه
فضوئها النجوم
انتصر الإنسان فيه حطّم السدود
ودمر الحواجز الصمّاء والحدود
كدوحةٍ راسخةٍ بعيدة الجذور
تستشرف الافق
وقفت في وجه التشوش الغبي
لفَّ عالماً نزق
يغط في الضباب
يحوم فيه طائر الخراب
محملاً بالرعب، بالرَّدى الكريه
كدوحةٍ راسخة بعيدة الجذور
أطللت فوق عالم مشوشٍ نزق
مرتعد إنسانه بالخوف، بالقلق
النور في اغواره اختنق
وفرح الأعماق مات فيه
لكما رؤياك في عينيك لا تفيض
لا تنهزم...
لا شيء يسحق الحلم
رؤياك نور خالدٌ يفيض لا يغيض:
النصر للإنسان، للجلد
النصر للإنسان، للجلد
© 2024 - موقع الشعر