بعد عشرين عاما - فدوى طوقان

غدا، في ليالي الشتاء الطوال
الكثيبه، عبر ازدحام السنين
وقد يبس الزنبق الأبيض الغض
وارفض بين غضون الجبين
غدا، إذ يجف الرحيق الشهي
ويذوي الربيعن ويفني العبير
وتثقل هذي العيون الغوالي
ويذبل هذا الشباب النضير
غدا، حين تنساك درب الغرام
وقد حسر الدهر ظلك عنها
فتنكر وجهك حين يلوح
وتنكر وقع خطاك عليها
وتمسيب لديها غريبا كأن لم
تكن منك يوما، ولا كنت منها
وترجع أنت وما في يديك
سوى لفتات الحنين إليها
غدا، حين يركض نهر السنين
بعيدا اعيدا وما من رجوع
لأمواهه وهي تجري وتجري
وتنصب في بحر هذا الوجود
فيلقفها ذرة ، ذرة
وتفنمي بأحضانه وتضيع
وأنت تحدق عند المصب
وتأسى على ذاهب لا يعود
هنالك سوف تعيدك للأمس
مهما نأى لفته الذكريات
وتلقى فتى أسكرته الحياة
فلون بالطيش أحلامها
هناك سيمثل في ناظريك
الكليلين ظل لطيف فتاة
وتبسم أنت، وفي نهدة
تقول: سقى الله أيامها
وتأخذ ديوان شعر قديم
لشاعرة غيبتها القبور
وتقرأ أبياته فتشم
عبير شبابك بين السطور
ستلقى شبابك في كل سطر
ندي الحواشي، طريا، غرير
وفي كل حرف تعود الحياة
لأشياء كنت بها تزدهي
هنالك تعلم أن ربيعك
باق بشعري فما يلتهي
أغسطس 1959
© 2024 - موقع الشعر