في الكون المسحور - فدوى طوقان

كان نداء إلى نزهة قمرية في النهر وفي حلم من أحلام يقظتها رأت نفسها هناك.
عيناي مغمضتان ترفّ بعمقها روحي وترى
تنزاح أمامي الآن حدود
تنهار سدود
أسمع، أبصرُ ما ليس يرى
أحيا في كون مسحور
وقرارة منتصف الليل
تنشر حولي
من عالمي اللامنظور
أمواج عبير منهل
الأرض القفر تلاشت. ألمح في الصمت خيال ضفاف
النخل على الشط الغافي
تومي لي أذرعه الخضر
ألمح في الصمت خيال النهر جرى غيبي الأطياف
يتدفق من عمق الأزل
تتغامز أضواء القمر
وتراقص في لحن غزل
أحلام النهر الهفهاف
النهر، يلوح لي النهر
رفات شراع تدعوني
عاشقة الهمس وتفتح لي
أبواب الغبطة والأمل
أنا في الزورق روح طاف
في زورقه معه وحدي
ويدي راعشةٌ غائبةٌ
في الغاب الوحشي الجعد
الكون تجمع في عينين
روحي غارقة في نجمين
عبرت فتره
ينساب، يرف صدى نبره
نبرة صوت حلوٍ عذب
منغوم يشربه قلبي:
ما الذي تشتفه عيناك من عيني، ماذا تبصرين؟
ما الذي أبصر في عينيك، ماذا، لست أدري
عالمي المفقود؟ دنياوات أحلامي وشعري؟
ما الذي أبصر؟ آفاقاً وأغوار سحيقه
وبحاراً غرقت فيها سموات عميقه
وبعينيكك شموس تتحرّق
وبعينيك نجوم تتألق
وغموض مد كالمجهول، كالغيب الخفي
وسحابٌ غلط في ليل شتائي دجي
هو من إعصار ماضيك بقايا
ذكريات دفنت فيها خطايا
وأرى ذاتي في عينيك زورق
تائه الغاية في لجّهما يطفو ويغرق
فقد الشط، وفي غمرة شبك وصراع
حطمت مجدافه الريح وألوت بالشراع
.....................................
ماذا؟
الحلم تفلت من عيني، هنا عادت حولي
الغرفة تقبع والجدران هنا وفراغ منظور
أنهد الكون المسحور
منهاراً في قلب الليل
© 2024 - موقع الشعر