من الأعماق - فدوى طوقان

سرت وحدي في غربة العمر، في التيه المعمي، تيه الحياة السحيق
لا أرى غاية لسيري..ولا أبصر قصدا يوفي اليه طريقي

ملل في صميم روحي ينساب، وفيض من الظلام الدفوق
وأنا في توحشي، تنفض الحيرة حولي أشباح رعب محيق

سرت وحدي، في التيه، لا قلب يهتز صدى خفقه بقلبي الوحيد
سرت وحدي، لا وقع خطو سوى خطوي على المجهل المخوف البعيد

لا رفيق، لا صاحب لا دليل، غير يأسي ووحدتي وشرودي
وجمود الحياة يضفي على عمري طل الفناء...طل الهمود

والتقينا..لم أدر أي قوى ساقتك حتى عبرت درب حياتي
كيف كان اللقاء من ذا.هدى خطوك كيف انبعث في طرقاتي

لست ادري لكن رأيتك روحا يوقظ الشوق في مسارب ذاتي
ويذري الرماد عن روحي الخابي، ويذكي ناري، ويحيي مواتي

حدقت مقلتاك في، والامي يغشي ضبابها مقلتيه
لست أدري ما استجلتاه ولا ما رأتا خلف وحدتي الآبديه...

غير أني أبصرت روحك تهتز انعطافا، في رقه علويه
وهنا خلتني شعرت بروح الله رفت من السماء عليه

يا لعينيك، أي نفضة بعث
أوجدتها عيناك في اعماق

فاذا بالحياة عارمة النبض بفيض الحنين، باشواق..
واذا بالجمال يعكس ألوان رؤاه على مدى افاقي

واذ بي في ظل حب عظيم
معجز السحر، مبدع خلاق

نظرة فتحت لقلبي أبواب السموات واجنان العليه
وجلت لي أفقا يموج به الوحي وتستعلن الرؤى القدسيه

فيه سحر الالوان، فيه صدى الآلحان، فيه منابع الشاعريه
نظرة خلف عمقها رحت أستشرف عمق الخلود والابديه

ومضت بي الايام، لا أنا صرخت، ولا لهفتي الحيية تبدو
كم وكم راح يحتويها مكان

وأنا صبوة توارت-..ووجد..
كم حديث حدثني، كم قصيد

هز روحي وأنت تروي وتشدو
وبقلبي السعيد شئ كعنف الموج، يطغى طياره ويمد

ومضت بي الايام، والزمن العجلان يجري كالهارب المجنون
وسكوني ما انفك يرخي سدولا

فوق رعشات قلبي المفتون
وتلفت بغتة، وبعمقي

نشوة السحر والهوى والفتون
واذا قلبي المرنح أشلاء

على راحة الوادع الحزين
وافترقنا،وملء نفسي- لو تدري-أحاسيس هائمات حيارى

وهواي المكبوت يجهش في صمت.. وتهمي دموعه أشعارا
كم شجاني وداعك المر، كم ساءلت قلبي الممزق المستطارا

كيف كان الفراق كيف انزوى وجهك عني في لحظة وتوارى
وافترقنا، وبين كفي رسم

لم يزل كل زاد روحي المتيم
كم تلمست عمق عينيك فيه

وبعيني أدمع تتضرم...
يا لقبي، كم راح بين يديه

يهتك الحجب عن هواه المكتم
أصغ، تسمع عبر الصحارى صداه

يترامى إليك شعرا مرنم
© 2024 - موقع الشعر