رجل أبيض - فاطمة التيتون

وكأن بين العتمة رجل أبيضُ،
لا يختفي ولا يأتي،
حتى ظننّاه في آخر العمر يهذي
****
لم نردِ العذوبة حتى نتشهّى،
ولم تنبع من أيادينا أوراقٌ لوتسيّة،
في عيوننا المساء الأصفر،
بين حاجبينا رقرقة القمرْ.
****
فإن فاتنا وعدٌ أسمرُ القافية،
وصبرٌ لا يستريح، وإن أفقنا
على قيثارة الوداع، وصارت ذبذبة القلب ذاهبةً،
وإن كبر الوقت في الحسرة، وغفتْ شحاريرُ الأعيادِ،
وإن غفل الغدير، وغاص البحر، وإن لم نكنْ.
****
في إكليل العيد رجل أبيضُ،
واقفٌ بين الصخرة أو صدفة زاهرة،
يتآكل المساء، ويختلج في العنب الموتُ،
ويتمرّغ في الساعات الغروبُ،
تأتي همسةُ الأوجاعِ
تهسهس في الصدر، تولول في اللحظاتْ..
****
من ذلك الرجل الأبيضُ؟
توشّح بالشمس، أغرق عينيه بالترقُّبِ،
وجسّ عنفوانَ الريحْ.
****
لم يغرق في بياض الضوءِ،
خائفاً، أو عائداً في ليلة شتويّةٍ
تخضبها دعابهْ.
(لم يبخل وجه من بياضٍ
لم يتسلل للخزائنْ).
*****
واقف، في صحوة شمسٍ خضراءَ،
في همسة بتولة يبكي، ويراوح بين الخطوةِ،
يشبه هذا الرجل الأبيضَ
هذا الرجل الأبيضْ.
والكون في الصلاه.
© 2024 - موقع الشعر