نبضاتٌ هاربات - فاديا غيبور

لا ترسلِ الأشجارَ نحوَ دمي فأوردتي يحاولِها غداً
شجرٌ وماءْ
لا تبتكرْ لطفولتي أرجوحةً..
وانسَ الذي أوحى إليكَ بفضةِ الكلماتِ
يوم تبرّج الصفصافُ بالأحلامِ
واشتجرتْ على النهرِ الدماءْ
كانت أغانيُّ القطا تنتابُني والريحُ تقطِفُ ريشَها
وأنا يجمعّني الغناءْ
حانٍ عبيرُكَ فادّخرهُ لياسمينِ حديقةٍ
تخضَلُّ في صَخَبِ الربيعِ المُشتهى
واقبِضْ على نبضاتِ قلبي الهارباتِ إلى النّدى
فلكم مللتُ حرائقي.. ولكم عشقتُكَ سدرةً للمنتهى!
أيَّ الجهاتِ عبرْتَ نحوي فاستدرتُ لريحِها جذلى
وقلتُ: هو الحبيبُ يعودُ من مطرٍ
ويحتقبُ الكلامَ الليلكيَّ.. الشعرَ.. آياتِ التولهِ
واتكأتُ على يمينِكَ غيمةً أو.. غيمتينِ
وكنتُ أحلمُ بالرحيلِ إلى مياهِكَ كي أعيدَ إلى تراتيلي
صدى صوتي القديمْ
وصحوتُ.. يومَ صحوتُ كنتُ غريبةً... حيرى
أهوِّمُ في فضاءاتِ الجنونِ وأنت ناءٍ
كالطفولةِ.. كالحنانِ الوالديِّ
صرخْتُ.. أيقظتُ المدينة من نوافذِها القديمةِ
لم تسائلْني معابرُها الدّفيئةُ عن شجوني..
لا.. وما ألقت إليَّ حبالَ لهفتها
فلذتُ بحيرتي وبدهشةِ الأشياءِ حولي
كانتِ الدنيا عماءً مطلقاً
وأنا أضجُّ.. أدورُ مثقلةً بعطرٍ بابليٍّ
هزَّ في جسدي جذورَ الخصبِ فاقترفَ الحياةَ
وأطلقَ الصّرخاتِ ثانيةً وثالثةً، وأدركَ أنّهُ
ما زالَ في رَحِمِ العماءْ
ورمى بروحي بذرةً بينَ الترابِ البكرِ فاحترقَتْ بنارِكَ
واستفاقَتْ كي تراكَ تحِلُّ في صلصالِها الأزليِّ
ثمّ تراكَ تنهدُ يانعاً ما بينَ صرختِها
ومفترقِ الكلامْ
لا تُرْسلِ الأشجارَ نحوَ دمي
فلا بحرٌ هنا يمتدُّ، لا مطرٌ يطهِّرني
ولا أرجوحةٌ للموجِ تأتي كي تسافرَ بي
فأنفضَ عن فمي خمرَ الكلامِ المستحيلِ
وأنثني بتولّهي وتأوّهي..
كلُّ الجهاتِ الحاصرتني أسرفتْ بغيابِها
وبقيتُ وحدي ها هنا
ورحلْتَ مثلَ الوردِ.. وحدَكْ
أوَكنتَ برقَ قصيدةٍ عبرَتْ لتسحرَني
وترمي في شراييني الجمارْ؟
أم كنتَ ظلَّ البحرِ يمنحُ ثمّ يمنعُ
ثمّ يقتلُ عاشقيهِ ويحتبي ضوءَ المنارْ؟!..
كلُّ المرافئِ عتقتني في مساءاتِ النبيذِ وأطلقتْني
ويداكَ ساريتانِ من حمّى ومن بوحٍ نحيلْ
وهما البلادُ المستباةُ.. هما الرمالُ.. هما النخيلْ
الليلُ نافذةُ اخضِراري
فافتحِ الأوقاتَ واكتبْني جنوناً قادماً في ناظريكْ
ظمأى أنا عمري إليكْ
حلمي يقاربُهُ العذابُ.. ولهفتي عصفورُ نارٍ
حطَّ من ولهٍ..
عليكْ..
 
***
© 2024 - موقع الشعر