بيروت

لـ غازي القصيبي، ، في غير مُحدد

بيروت - غازي القصيبي

بيروت! ويحك! أين السحر والطيب؟
 
 
و أين سحر على الشطآن مسكوب؟
 
 
و أين رحلتنا و الوجد مركبنا؟
 
 
و البحر أفق من الأحلام منصوب؟
 
 
و أنت مترعة النهدين مترفة
 
 
دنياك وعد بشوق الوصل مخصوب
 
 
في مقلتيك من الأهواء أعنفها
 
 
و في شفاهك إيماء و ترحيب
 
 
و في يميني ورود جئت أزرعها
 
 
على ضفائر فيها الليل مصلوب
 
 
* * *
 
 
بيروت! ماذا يقول الناس؟ هل ذبحت
 
 
بيض الأماني.. و غال الطفلة الذيب؟
 
 
و هل توارى مليح كان يأسرني
 
 
و هل قضى قبل يوم الوعد محبوب؟
 
 
و أين ما كان-يابيروت-إذ رقصت
 
 
لي الليالي.. و طارت بي الأعاجيب؟
 
 
و أين شعر جميل لست أذكره
 
 
على الصنوبر و التفاح مكتوب؟
 
 
و أين أول حب ضمني.. و مضى
 
 
و وقده في حنايا القلب مشبوب؟
 
 
* * *
 
 
بيروت! لا تصفي لي الجرح.. أعرفه
 
 
فإنه في دمائي الحمر معصوب
 
 
أنا اللذي أسرته الروم.. ما لحقت
 
 
به العراب.. و خانته الأعاريب
 
 
حملت في كبدي الآلام فانفطرت
 
 
و طوحت بي إلى اليأس التجاريب
 
 
ياللزعامات تلهو بي.. و أعشقها
 
 
و ربما عشق الازراء منكوب
 
 
كم أرضعوني شراب الوهم. كم سخروا
 
 
مني.. و كم غصبت روحي الأكاذيب
 
 
لا تنتهي غفلة عندي معتقة
 
 
و لا انتهت عندهم تلك الألاعيب
 
 
* * *
 
 
بيروت! نحن الألي ساقوك عارية
 
 
للموت يصرخ في عينيك تعذيب
 
 
كم ناشدتنا شفاه فيك ضارعة
 
 
و كم دعانا عفاف منك مسلوب
 
 
فما استفاق ضمير في جوانحنا
 
 
مخدر في ضفاف الزيف محجوب
 
 
حتى إذا ضحك الجلاد.. ما دمعت
 
 
عين و لا غص بالاهات مكروب
 
 
سقطت و انتفض التاريخ يلعننا
 
 
و أطرقت في أسى المجد المحاريب
 
 
* * *
 
 
نهيم خلف سلام عز مطلبه
 
 
و مل من وعده الممطال عرقوب
 
 
عشنا مع الذل حتى عاف صحبتنا
 
 
نمنا على الصبر حتى ضج أيوب
 
 
أكلما قام فيهم من يذبحنا
 
 
قلنا: السلام على العلات مطلوب
 
 
و كلما استأسد العدوان باركه
 
 
منا جبان إلى الإذعان مجذوب
 
 
* * *
 
 
لا ترجع الأرض إلا حين يغسلها
 
 
بالجرح و النار يوم الفتح شؤبوب
© 2024 - موقع الشعر