لَعَمرِيَ لَـو أَبصَرتِنـي يَـومَ بِنتُـمُ - عمر بن أبي ربيعة

لَعَمرِيَ لَو أَبصَرتِني يَومَ بِنتُمُ
وَعَيني بِجاري دَمعِها تَتَرَقرَقُ

وَكيفَ غَداةَ البَينِ وَجدي وَكَيفَ إِذ
نَأَت دارُكُم عَن شِدَّةِ الوَجدِ آرَقُ

لَأَيقَنتِ أَنَّ القَلبَ عانٍ بِذِكرِكُم
وَأَنّي رَهينٌ في حِبالِكَ مُثَقُ

فَصَدَّت صُدودَ الرِئمِ ثُمَّ تَبَسَّمَت
وَقالَت لِتِربَيها اِسمَعا لَيسَ يَرفَقُ

فَقالَت لَها إِحداهُما هُوَ مُحسِنٌ
وَأَنتِ بِهِ فيما تَرى العَينُ أَخرَقُ

وَقالَت لَها الأُخرى اِرجِعيهِ بِما اِشتَهى
فَإِنَّ هَواهُ بَيِّنٌ حينَ يَنطِقُ

شَفَعنَ إِلَيها حينَ أَبصَرنَ عَبرَتي
وَقَلبي حِذارَ العَينِ مِنهُنَّ مُشفِقُ

فَلَمّا تَقَضّى اللَيلُ قالَت فَتاتُها
أَرى قَبلَ أَن يَستيقِظَ الحَيُّ أَرفَقُ

وَعَضَّت عَلى إِبهامِها وَتَنَكَّبَت
قَريباً وَقالَت إِنَّ شَرَّكَ مُلحِقُ

تُبينُ هَوىً مِنّا وَتُبدي شَمائِلاً
وَوَجهاً لَهُ مِن بَهجَةِ الحُسنِ رَونَقُ

فَأَلفَت لَها مِن خالِصِ الوُدِّ وَالهَوى
جَديداً عَلى شَحطِ النَوى لَيسَ يَخلَقُ

لَدى عاشِقٍ أَحمى لَها مِن فُؤادِهِ
عَلى مَسرَحٍ ذي صَفوَةٍ لا يُرَنَّقُ

حَلاها الهَوى مِنهُ فَلَيسَ لِغَيرِها
بِهِ مِن هَواهُ حَيثُ نَحّى مُعَلَّقُ

تَكادُ غَداةَ البَينِ تَنطِقُ عَينُهُ
بِعَبرَتِهِ لَو كانَتِ العَينُ تَنطِقُ

© 2024 - موقع الشعر