لِمَنِ الدِيـارُ كَأَنَّهُـنَّ سُطـورُ - عمر بن أبي ربيعة

لِمَنِ الدِيارُ كَأَنَّهُنَّ سُطورُ
تُسدى مَعالِمَها الصَبا وَتُنيرُ

لَعِبَت بِها الأَرواحُ بَعدَ أَنيسِها
نَكباءُ تَطَّرِدُ السَفا وَدَبورُ

دارٌ لِهِندٍ إِذ تَهيمُ بِذِكرِها
وَإِذا الشَبابُ المُستَعارُ نَضيرُ

إِذ تَستَبيكَ بِجيدِ آدَمَ شادِنِ
دُرٌّ عَلى لَبّاتِهِ وَشُذورُ

تِلكَ الَّتي سَبَتِ الفُؤادَ فَأَصبَحَت
وَالقَلبُ رَهنٌ عِندَها مَأسورُ

لَو دَبَّ ذَرُّ فَوقَ ضاحي جِلدِها
لَأَبانَ مِن آثارِهِنَّ حُدورُ

غَراءُ واضِحَةُ الجَبينِ كَأَنَّها
قَمَرٌ بَدا لِلناظِرينَ مُنيرُ

جَمُّ العِظامِ لَطيفَةٌ أَحشاؤُها
وَالمِسكُ مِن أَردانِها مَنشورُ

تَفتَرُّ عَن مِثلِ الأَقاحي شافَها
هَزِمٌ أَجَشُّ مِنَ السَماكِ مَطيرُ

وَلَها أَثيثٌ كَالكُرومِ مُذَيَّلٌ
حَسنُ الغَدائِرِ حالِكٌ مَضفورُ

وَمُخَضَّبٌ رَخصُ البَنانِ كَأَنَّهُ
عَنَمٌ وَمُنتَفِخُ النِطاقِ وَثيرُ

قالَت وَدَمعُ العَينِ يَجري واكِفاً
كَالدُرِّ يُسبِلُ تارَةً وَيَغورُ

بِاللَهِ زُرنا إِن أَرَدتَ وِصالَنا
وَاِحذَر أُناساً كُلُّهُم مَأمورُ

أَن يَأخُذوكَ فَكُن فَتىً ذا فِطنَةٍ
إِنَّ الكَريمَ لَدى الحِذارِ صَبورُ

© 2024 - موقع الشعر