راحَ صَحبي وَلَم أُحَيِّ النَـوارا - عمر بن أبي ربيعة

راحَ صَحبي وَلَم أُحَيِّ النَوارا
وَقَليلٌ لَو عَرَّجوا أَن تُزارا

ثُمَّ إِمّا يَسرونَ مِن آخِرِ اللَي
لِ وَإِمّا يُعَجِّلونَ اِبتِكارا

وَلَقَد قُلتُ لَيلَةَ البَينِ إِذ جُد
دَ رَحيلٌ وَخِفتُ أَن أُستَطارا

لِخَليلٍ يَهوى هَوانا مُؤاتٍ
كانَ لي عِندَ مِثلِها نَظّارا

يا خَليلُ اِربَعَن عَلَيَّ وَعَينا
يَ مِنَ الحُزنِ تَهمُلانِ اِبتِدارا

هَهُنا فَاِحبِسِ البَعيرَينِ وَاِحذَر
رائِداتِ العُيونِ أَن تُستَنارا

إِنَّني زائِرٌ قُرَيبَةَ قَد يَع
لَمُ رَبّي أَن لا أُطيقُ اِصطِبارا

قالَ فَاِفعَل لا يَمنَعَنكَ مَكاني
مِن حَديثٍ تَقضي بِهِ الأَوطارا

وَاِلتَمِس ناصِحاً قَريباً مِنَ الوِر
دِ يُحِسُّ الحَديثَ وَالأَخبارا

فَبَعَثنا مُجَرَّبا ساكِنَ الري
حِ خَفيفاً مُعاوِداً بَيطارا

فَأَتاها فَقالَ ميعادُكِ السَر
حُ إِذا اللَيلُ سَدَّلَ الأَستارا

فَكَمِنا حَتّى إِذا فُقِدَ الصَو
تُ دُجى المُظلِمِ البَهيمِ فَحارا

قُلتُ لَمّا بَدَت لِصَحبِيَ إِنّي
أَرتَجي عِندَها لِدَيني يَسارا

ثُمَّ أَقبَلتُ رافِعَ الذَيلِ أُخفي ال
وَطءَ أَخشى العُيونَ وَالنُظّارا

فَاِلتَقَينا فَرَحَّبَت حينَ سَلَّم
تُ وَكَفَّت دَمعاً مِنَ العَينِ مارا

ثُمَّ قالَت عِندَ العِتابِ رَأَينا
مِنكَ عَنّا تَجَلُّداً وَاِزوِرارا

قُلتُ كَلّا لاهِ اِبنُ عَمِّكِ بَل خِف
نا أُموراً كُنّا بِها أَغمارا

فَجَعَلنا الصُدودَ لَمّا خَشينا
قالَةَ الناسِ بَينَنا أَستارا

وَرَكِبنا حالاً لِنُكذِبَ عَنّا
قَولَ مَن كانَ بِالبَنانِ أَشارا

وَاِقتَصَرتُ الحَديثَ دونَ الَّذي قَد
كانَ مِن قَبلُ يَعلَمُ الأَسرارا

لَيسَ كَالعَهدِ إِذ عَهِدتِ وَلَكِن
أَوقَدَ الناسُ بِالأَحاديثِ نارا

فَلِذاكَ الإِعراضُ عَنكِ وَما آ
ثَرَ قَلبي عَلَيكِ أُخرى اِختِيارا

ما أُبالي إِذا النَوى قَرَّبَتكُم
فَدَنَوتُم مَن حَلَّ أَو كانَ سارا

وَاللَيالي إِذا نَأَيتِ طِوالٌ
وَأَراها إِذا دَنَوتِ قِصارا

فَعَرَفتُ القَبولَ مِنها لِعُذري
إِذ رَأَتني مِنها أُريدُ اِعتِذارا

ثُمَّ لانَت وَسامَحَت بَعدَ مَنعٍ
وَأَرَتني كَفاً تَزينُ السِوارا

فَتَناوَلتُها فَمالَت كَغُصنٍ
حَرَّكَتهُ ريحٌ عَلَيهِ فَحارا

وَأَذاقَت بَعدَ العِلاجِ لَذيذاً
كَجَنى النَحلِ شابَ صِرفاً عُقارا

ثُمَّ كانَت دونَ اللِحافِ لِمَشغو
فٍ مُعَنّىً بِها مَشوقٍ شِعارا

وَاِشتَكَت شِدَّةَ الإِزارِ مِنَ البُه
رِ وَأَلقَت عَنها لَدَيَّ الخِمارا

حَبَّذا رَجعُها إِلَيها يَدَيها
في يَدي دِرعُها تَحُلُّ الإِزارا

ثُمَّ قالَت وَبانَ ضَوءٌ مِنَ الصُب
حِ مُنيرٌ لِلناظِرينَ أَنارا

يا اِبنَ عَمّي فَدَتكَ نَفسي إِنّي
أَتَّقي كاشِحاً إِذا قالَ جارا

© 2024 - موقع الشعر