رماد العذارى

لـ علي فرج، ، في غير مُحدد

رماد العذارى - علي فرج

نفضتُ السما واعتصرتُ النهارا
 
فلم أرَ إلا سديماً ونارا
 
وانهارُ فوقَ الترابِ وإما
 
وقفتُ يغورُ الترابُ انهيارا
 
فيا أيّها المجمر المستديرُ
 
زهورُ الطفولةِ طارتْ صغارا
 
ويا باكياً لا تمسُّ الرمادَ
 
فذاك رمادُ جسومِ العذارى
 
 
 
 
أيا خيمةً من نسيجِ الدموعِ
 
ويا كوكباً بارداً للشقائقْ
 
أأنتِ اختلستِ حمامَ المنازلِ..
 
أغرقتِ أوجهَها في الحرائقْ
 
إذا أخرجتْ ريشَها للهواءِ
 
استدارَ عليها اللهيبُ مشانقْ
 
فيا خيمةً كنتِ عُشَّ الحمامِ
 
فصرتِ لأرواحهن زوارقْ
 
 
 
 
أيا وردةً يا ألذَّ الهدايا
 
صبغتِ الهواءَ بعطرٍ مموّجْ
 
فكم طفتِ بين أكفِّ الصبايا
 
وصارتْ إليكِ الفساتينُ مدرجْ
 
وأهديتِ نفسَك رأسَ (العروسة)
 
.. أغريتِه النارَ لمِّا تتوَّجْ
 
ويا عجباً صرتِ لونَ الرمادِ
 
وقد كنتِ من قبلُ لونَ البنفسجْ
 
 
 
 
 
أيا نارُ يا بئرَ ماءِ الطف
 
ولةِ لازلتَ تنضبُ لم تعطِ قطرهْ
 
أيا نارُ لازلتِ نارَ الدماءِ
 
وفي القلبِ خيمتُنا المستمرَّهْ
 
فأنتِ سرقتِ نفوسَ النساءِ
 
فهلاّ تركتِ عليهنَّ سُترهْ
 
سرقتِ الثيابَ .. سرقتِ النساءَ..
 
سرقتِ القديحَ .. سرقتِ المسرَّهْ
 
 
 
 
أيا نارُ يا سلةً للهيبِ
 
حنانيكِ يا سلةً للطفولهْ
 
جمعتِ ابتساماتِنا في يديكِ
 
وأحرقتِها في وجوهٍ قتيلهْ
 
فرُحتِ تلمِّين عُرْسَ الصبايا
 
وتبتلعينَ العيونَ الكحيلهْ
 
سننتظرُ الجمرَ حتَّى يموتَ
 
وتَطلعُ في كلِّ شبرٍ فسيلهْ
 
 
 
 
 
أيا جمرُ يا موسماً للمذابحِ
 
كيفَ صرختَ بصمتِ اللياليْ
 
تحدَّيتَ كلَّ الفحولاتِ حتى
 
أخذتَ تمزِّق رَسْمَ الجمالِ
 
وتعبثُ وسطَ وجوهِ النساءِ
 
وتعبثُ وسطَ قلوبِ الرجالِ
 
فلمْ نرَ غيرَ شروقِ الجحيمِ
 
ولم ترَ غيرَ غروبِ اللآليْ
 
 
 
 
أيا جمرُ يا موسماً للثعابينِ
 
لَسَّاعةً كلَّ ثغرٍ وبسمهْ
 
وتُكسفُ شمسٌ .. ويُطمرُ أفقٌ ..
 
ويُخسفُ بدرٌ .. وتُكسرُ نجمهْ
 
أيا جمرُ عفوَ اللهيبِ تداعتْ
 
ملامحُنا .. قد نَسَى الوجهُ رسمَهْ
 
فأمٌّ أضاعتْ صغارَ بنيْها
 
وطفلٌ أضاعَ أخاهُ وأمَّهْ
 
 
 
 
 
مُذْ ابْتَرَدَتْ جَمَرَاتُ الرَدَى
 
وقد يَبِسَتْ في الجسومِ الغريرهْ
 
غفا في تلالِ الضحايا الدخانُ
 
وماتَ الرمادُ بوسطِ الحفيرهْ
 
وأرواحُها احتشدتْ في الفضا
 
قد انطلقتْ للسماءِ مسيرهْ
 
ومن كلِّ قطرةِ حبٍّ أصيحُ :
 
قديحُ .. أيا كربلاءُ الصغيرهْ
© 2024 - موقع الشعر