رجل المداهمة - عصام ترشحاني

إلى الفنان " سعد يكن"
(1)
 
بحرٌ ...صباحي يدخل للمقهى...
وبأقمار يديهِ
يبتكر المحار مجدداً
يُراود الصخور من لُهاثها
ويختلي بالزوبعة...
هكذا سطور القوة
تبدأ من الأشياء الخطرة...
كم من الرغباتِ
في الخطوة الأولى
لاكتشاف النار تحت قدميهِ
كم من البنفسج
في رنين الشمعة الأخيرة
هل أَنتظرُ في قصيدةٍ
تُحدّقُ بالوقت ...؟؟
يستوقفني...
- وَرُكامي خيول زرقاء-
يستوقفني صوتهُ،
في الهواء المعطّر للوحة..،
في الوجوهِ التي نَسِيِها الغبار
وأَعمق من صرخة الكأسِ
أَتجمهرُ طويلاً...
قرب حُطام اللون...
* * *
خريفٌ رائعٌ هذهِ الموسيقا
التي تصدر من الأرواح
كأنها أنفاسهُ
وهي تضمُّ صغار النجوم
هكذا ... ظِلهُ يرمي المصباح على النساء
وحين يفيض علينا
يتأهّبُ للبراعم...
أنتَ أيها الطيب ... الباهي
بجميع لغات العالم
تتجولُ في فرشاتك الوثنية
كم هي جميلة وصغيرة ..
تلك التي
تقطف المواعيدَ
والليلَ
والثمر
كم هي غزيرةٌ..
وأنت وراء المطر...
تفتح النوافذَ
وتغتسل بالناي والنبيذ
لفضائكَ...
صمتٌ مليء بالأكواخ
ووجوهٌ .. نكملها نحن،
ونصغي لابتسامتها ..
لفضائك لذةٌ،
نسمعها كل يومٍ
في أحلامنا،
وأميرةٌ فضية أوسع من الزمن
هل أُشوش شرفتي
وأقرأ ماءكَ في المرايا...؟
تحملني خرائب الخطوط بين أصابعك...
- وقبل أن تُصاب بالهلع-
إلى سفرٍ...
يلتقط مسافتهُ،
في قامة الوردة
تحملني إلى جسد ناعم يترنَّحُ
وُيُشي بانخطافه للعدم
فكيف لي...
أن أُطلق الصهيلَ المؤجلَ
خارج حيزهِ
والمسوخَ إلى
متاهتهم المرتعشة ..
ربما .....وأنت تحتضن بلهفةٍ
إيقاع وحدتك الغريب
تنتشل الصورة من كابوسها
وتستدرج الأغنية
إلى مشارف الحياة....
ربما ...." والشمس في جوفك"
تُشعل بنا - كعادتكَ-
مرارات المتعة في الغموض...
لن أُراهن أيها الذاهبُ
في شتاء البياض..
فأنت من يُفاجئنا...
خارج المساءِ
محتشداً بالعناقيد.......
أنتَ من يعطي الكلامَ
وَلَهَ البذرةِ ..
وخضاب الضوء
تركضُ في مخيلة الأشجار
وكطفلٍ .وحيدٍ للهذيان ..
تلعب بحديقة الجحيم
 
(2)
يُحطَّم كل شيء..
ومن الجهة التي
تُعذّب ألوانها
يبدأ رقصة الجماع
لنشوتهِ...
شجرٌ يرسم الظلال المتبدلة..
ويهبُّ علينا
لو نظرنا إلى الزهرة التي
تتنزهُ حيث يقف،
وترشقهُ بالإشراق
لوجدنا قلباً واحداً لعاشقينِ
لهما كلُّ الزمن
انهُ يمُسك الماءَ
من صهيلهِ البعيد
يغمد جرح ريشتهِ
في حقول الحياة
وبأناملهِ ... منذ فضاءٍ باكر
يهدم طعم النار والتراب
يجعل ضفائر شعر اليباب
آلهة عارية
وأشباحاً زرقاء...
وعلى القماش
دون توازنٍ،
بضربةِ الشاعر يُفلت الظلمةَ
المتلاطمة في الموت
يملأ الحرائق الباردة بالطيور
لهُ مزاج النرجس الضّليل
صوتٌ يمارس المطر
وقبل الريح
يسرق حورية الظهيرة...
* * *
كيف لي أن أُباغتَ،
قيلولةَ لوحاتهِ
وشريطَ أرقهِ المحروق؟
والشقائق تتراعشُ
في سهوتهِ
وتُمطر فوقي..
ثمةُ حلم..
وكآبة ......
وهدوء
ثمة حنجرة في حاشية الضفة
ودخان في فرح البحيرة..
كيف أَقرأ اللهب المرتبكَ
وأضعُ غصناً في يديهِ..؟
كأنهُ شعاع دمٍ
يهاجم القلب ... ولا يُرى..
فبأي إلهٍ
أُحرّرُ الغياهبَ،
من شرنقتهِ السوداء
دائماً خارج مملكتهِ
يلبس الحزن من بهجتهِ،
يعتقل الوقتَ،
والغرائزَ،
والخيانةَ اللذيذة
من سرير الأسطورة ...
دائماً...
يعبث بالمفردات المفترسة
يُمجّد الترف وأشياءهُ المشاكسه...
وكثيراً....
ما يُجالس ركنهُ الصيفي،
بغليونهِ الذي
يُدخنّ الحب والموسيقا...
هذا هو ... رجل المداهمة .
بسيطٌ ... وعنيف
نبيٌّ بلا كتاب
ووطنٌ ... يُبصر
ما تلفظه الروح
 
* * *
© 2024 - موقع الشعر