الغجريّة

لـ عبدالستار العبروقي، ، في العتب والفراق، آخر تحديث

الغجريّة - عبدالستار العبروقي

الغجريّة
 
من الشوق جئتِ
و في خصركِ البحر يعدو
رعائل طير ، فصولا
و عوسجة من لهبْ
 
تناثرتِ ورْدا على الشاطئ البربريّ
جمعتِ الصّدى ألقا بيد يكِ
سكبته خمرا على شَجَنِ الموْج ِ
لمّا اشْتكى
فكان بظلّ جفونكِ همْسا
لشوْق الحقول، و بوْح القصبْ
 
و قبل انبجاس العصورِ
و قبل انعتاق البذورِ
و قبل الكتبْ
صَعَدْتِ إلى الهيكل المخمليِّ
وَلَجْتِ الرُّموزَ
قرأتِ تفاصيلَ عهد النبوغِ
وعدْتِ إلى العاشق المغْربيِّ
بأنثى الشهبْ
 
و من دهشتي و صدى الموج ِ
في شعركِ الغجريِّ
نسجتِ دروبا "لصور و حيْفأ"
وأخرى" لبابل" تعدو قوارب حبّْْ
 
حفرتِ الزمان على ساعديَّ
نشرْتِ القلاع ، وألْقيْتِ بي
في مدار الشغبْ
عدوْتُ على إثْرِ عطركِ أهْذي
عبرْتُ العصور ، عبرتُ الدموعَ
عبرْتُ حدود التعبْ
 
 
ولجتُ كهوفا بعمق البحارِ
صعدتُ إلى قمم الإنتحارِ
هصرْتُ الجهاتِ
سألتُ الغضا و الرمالَ
سألْتُ الرياحَ
عن الكوكب المغتربْ
فلا من أجاب
ولا من روى ظمأ الإحتمالِ
ولا من بكى الشجر المكتئبْْ
 
وحين وصلتُ إلى الشاطئ المرمريِّ
وحين ذوى الأفق بين يديّ
وحين وحين
و لمّا هوى الليل في ناظريَّ
وجدْتُكِ دمعا بجفْن الغضبْ
 
هفوْتُ إليكِ
فكان المدى قمرا بيديكِ
و عاد الذي قدْ مضى و كان الطربْ
لنهديكِ عادتْ مياه الحقولِ
ودفْءُ المواقد بين الثلوجِ
و عاد العنبْ
 
غفوْتُ على ركْبتيكِ زمانا
تلاشيْتُ بين الصّدى و الأغاني
ولمّا صحوْتُ وجدْتُني طفْلا
بدرب الغجرْ
 
عبدالستار العبروقي
1993
© 2024 - موقع الشعر