عادات وتقالي

للكتاب عبدالرحمن ناهي، في مقالات،

عادات وتقالي

للكتاب: عبدالرحمن ناهي،


الصفحات الشعبية لاتعتني بالشعر فقط وإنما تعتني بكل ماينتمي للبادية من شعر وأعراف وتقاليد وغيرها من الأمور لذا سنسلط الضوء على بعضها وسنتكلم اليوم عن بعض الأعراف والتقاليد.

للأعراف والعادات والتقاليد نصيب الأسد في المجتمعات العربية،خاصةً و الدول الشرقية بصفة عامة، وهي جزء من تاريخنا، وكانت بمثابة دستور يسيّر أمور الناس في ما يتعلق بالديات، والإرث، والأمور الاجتماعية، وغيرها مما يحتاجونه في حياتهم، حتى أتى الإسلام ونسخ ما كان قبله إلا أن بعض العادات والأعراف مازالت ترافقنا، ومنها أعراف حميدة لم ينه عنها الإسلام، ومنها ما يعارض الإسلام، إلا أننا لم نستطع تجاوزها رغم معارضتها للدين، ومن هذه الأمور ما يتعلق بالانفة واحترام الناس وبما يخص الزواج، فالإسلام قال بصريح العبارة بما معناه من أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، وكذلك لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى، ولكن للأسف مازالت لدينا الأنفة من مصاهرة بعض خلق الله حتى ولو كانوا من أهل التقوى او من بهم خير لمنفعة الناس، إلا أنهم من العائلة الفلانية التي كان جدهم الحادي والسبعون تزوج من امرأة لا يعرف نسبها أو كان ذا صنعة ومهنة وغيرها من الامور التي لم ينزل الله بها من سلطان لذلك نرفض هذه المصاهرة مع ما فيهم من الخير والأخلاق الحميدة، والتي يُفْتخَر بها، ولكن كل ذلك لا يشفع لهذه العائلة، مع أن المجتمع انصهر مع بعض، وتقاربت العادات والتقاليد، وتلاشت الفروقات الاجتماعية، لكن لم تتغير تلك النظرة القديمة، واللعنة التي أصبحت تطارد الأجيال جيلاً بعد جيل مع أنهم يغضون النظر عمن يصاهر البلدان البعيدة سواء كانت أجنبية، أم عربية ولايعرفون شيئا عن اصلها وفصلها وهذا مافعله المسلمون الأوائل من ذي الحسب والنسب قد تزوجوا من السبايا من شتى البلدان وانجبن أعلاما من الرجال يشار اليهم بالبنان، ولم ينكروا عليهم شيئا بينما ينكرون ويذمون من يصاهر القريب الذي يعرفون أخلاقه وافعاله الطيبة وهو متعايش بينهم ويتعدونه للأبعد ليقعوا في الخطأ نفسه الذي وقع به الجد الحادي والسبعون، وقد حضرتني قصة للصحابي الجليل بلال الحبشي رضي الله عنه، وكلنا يعرف أن الصحابي الجليل بلال هو من قوم حام ولكن قد شرفه الله بالإسلام، وأعزه، وقد جاءه أخوه ذات يوم والهوى والعشق قد تمكنا منه (خال وعاشق وعندك الحساب ) وأراد أن يخطب له إحدى بنات العرب من ذوات الحسب والنسب، وأوصى بلال بأن يذكر لهم أنه مؤذن الرسول (ص) وأنه من السابقين للإسلام... وغير ذلك من مناقبه، إلا أن بلال قد سكت ولم يرد عليه حتى أتوا لأهل البنت الذين أكرموا بلال غاية الإكرام لسبقه في الإسلام وتقواه، فابتدأ بلال الكلام بعد أن حمد الله وأثنى عليه قائلاً كنا عبدين مملوكين فمن الله علينا بالإسلام وشرفنا به وإننا نرغب في مصاهرتكم لأخي هذا ولم يزد على ذلك فأجابوه نعم النسب الإسلام ونعم الشرف السبق فيه وزوجوا أخاه.إلا أن ذلك الكلام الذي قاله بلال لم يعجب الأخ الجميل وقال له بعد أن خرجا لما قلت لهم إنا كنا عبدين مملوكين ولم تذكر المناقب الكثيرة التي تمتلكها، وكأني ببلال يقول له أنهم لم يزوجوك الا لذلك وأشكر الإسلام الذين شرفك في مجتمع لايرحم الضعيف.كما ان شرف الإنسانية قد فرض احترامه على الجميع وخير دليل على ذلك ذلك الجمع الغفير من ملوك ورؤساء دول لحضور جنازة الرئس الراحل نلسون مانديلا وبغض النظر عن المصاهره فيجب احترام الرجل وأنزاله منزلته على أخلاقه ودينه لا على أمور ما انزل الله بها من سلطان كالصناعة والزراعة وغيرها من الأمور التي استعابت عن جهل وأثناء كتابتي للمقالة سألني أحد الخبثاء إن جاءك أحدهم مما ذكرت وخطب منك هل تزوجه فقلت له أولاً نحن عائلة لا يوجد بها بنات بالمرة لأننا مازلنا نتمسك بالعادات والتقاليد القديمة وهي وأد البنات، وإذا مو مصدّق اسأل ابو جهل.

عبدالرحمن الناهي

جريدة الراي

© 2024 - موقع الشعر