الوادي الاخصر

للكتاب عبدالرحمن ناهي، في مقالات،

الوادي الاخصر

للكتاب: عبدالرحمن ناهي،


الوادي الاخضر لازلت اذكر ذلك الاستديو الصغير جدا والذي يقع في سوق العباسية ويذكره معي شباب منتصف السبعينات وبداية الثمانينات فطالما داجوا بين دكاكينه ولاذوا بين حواريه واستراحوا في قيصريته الوحيدة انذاك انمحت الاثار واندثرت المعالم ليحل بدلا منها العمران الجديد بسكانه الجددفقد حل بدلا من الشباب العمالة الاسيوية, وذات البراقع والعباية دلع والذي طالما تغنى به فنانوا الوادي بجمالهن قد بدلن بلابسات الساري من الوافدات, نعم لم تبق الا الرسوم فقد اندثرت جميع المعالم والاطلال لتطوي صفحة من الزمن الجميل ولم تبق الا ذكرياته الجميلة عالقة بذهن من عاصروا تلك الحقبة من الزمن فطالما مررنا عليه انا وزملائي عند عودتنا من المدرسة علنا نحظى برؤية احد نجوم الوادي كعيسى الاحسائي اوفهد السعيد وعمر الراجحي وغيرهم من الفنانين الشعبيين انذاك والذين حظوا على متابعة جيدة من قبل جمهورالاغنية الشعبية والتي لاقت رواجا واهتماما غير طبيعي في تلك الفترة فلم تكن العولمة قد طرقت ابوابنا بعد ولكن مع كثر ترددنا لم نلتق باي فنان الا الشاعر علي القحطاني الذي يمتلك تسجيلات الوادي الاخضر والذي ازعجناه من كثرة الاسئلة حتى مللنا ومللناه لدرجة الايحاء لاصغرنا سنا برشق المحل بالحجارة ويهرب بينما نحن نرصد ردة فعل القحطاني الذي يجبرعلى مداهنتنا لكسب ودنا ويأمن شقاوتنا.هذا ماكان معنا اما فنانو الوادي فقد هجروا واديهم بعد رحيل عيسى بن علي الاحسائي الى ربه وكأنه خيط المسباح بعد قطعه ليتساقط الخرز تباعا وكذلك كانت هجرة علي القحطاني الى الامارات بعد ان ترك الوادي هي الرصاصة القاتلة والفاصلة لطي تلك المرحلة وان حاول بعضهم العودة الا ان الزمن لم يعد زمنهم ولا المكان مكانهم، فقد كانت مرحلة من الزمن قد جملها الزمان ببساطته وطيبة اهله رغم قساوة الحياة وخشونتها الا ان الجميل بها هي ان الجميع يكاد ان يكون متساويا في الطبقية والامكانات المادية وهكذا هي الايام والسنون تغير ولا تغير، اقول ذلك بعد ان بدأ البعض في محاولة لاعادة ذلك الفن الشعبي الى عصرنا الحاضر ويعتقد بانه سيحوز نفس القبول والنجومية التي حصل عليها نجوم الوادي وهذا لن يحصل لان مثل ما اسلفنا ان لكل حقبة من الزمن لها غالب خاص يتواكب مع ميول واذواق اهل ذلك الزمان فدعونا نعيشها ذكريات جميلة لا ان نعيدها فيذهب طعم تلك الذكريات.جريدة الراي

© 2024 - موقع الشعر