الجبابرة بين كماشتين [ قراءة نقدية لقصديتين للشاعر عبد الرحمن الجبابرة ]

للكتاب: عبدالرحمن غانم الدوسري،


السلام عليكم..

وبعد..

"

ذات مساء، لم يكن في فصل الشتاء، ربما يعود لسنوات مضت، وعدته أن أقف على قصائده، وهل يأذن لي؟

فقال على الرحب والسعة..

بتينك العينان اللامعتان، وحزن ساكن وسطهما، يكاد يكون أحد مكوناتمها..

وابتسامة جميلة تزيده وسامة..

هكذا هو عبد الرحمن الجبابرة، أستاذي العزيز، في ذلك مساء..

وتكرر المساء، في فصل الشتاء.. ولم يتغير ولم يتبدل..

هو هو، يكاد ينفخ في القرب المقطوعة، وكل من حوله يعجزون عن اللحاق به..

همّه كبير..

فارس ترجل عن فرسه

ولكنه يعلم أنه سيعلوه من جديد

رغم أنه استبدل سلاح الرصاص بسلاح الفكر..

وما بين الموعدين تغيرت الخارطة..

وزادت قصائده

قلت له مرة:

لماذا ترضى بالمرتبة الأقل، وتستمر في صياغة الشعر النبطي، في ظل قدرتك على صنع القصائد الفصحى من تفعيلة وشعر عامودي..

هز رأسه..

الحقيقة أني لم أصرح له بتلك النظرية التي أؤمن بها:

إن الشاعر الفصيح أعلى مرتبة وأرقى..

خصوصا أني لم أعد أعير الشعر النبطي اهتمام، لدرجة أحيانا تصل للكره، وليس لأن الشعراء يتبعهم الغاوون، بل لأن سوادهم الأعظم يخدعون ويكذبون ويسرقون..

أعلم أنها ستغضب الكثير من أصدقائي الشعراء، ولكن هل الحقيقة تتغير بمجرد أن يتم حجبها؟

صراع، ووجع..

هل هاتان هما الكمّاشتان؟!

جغرافيا أم تاريخ؟

يمنة ويسرة..

جوع وشبع..

ولكل قذيفة مناسبة..

حسنا دعوني من هذه المقدمة، وابدأ الحديث عن قصيدتين لهذا الشاعر، الاولى تفعيلة فصحى، والاخرى من الشعر النبطي، وكلاهما يحملان الهم، هم الشاعر، أحدهما حملت هم مواطن سعودي يبكي، والأخرى هم فارس عربي يصرخ..

دعوني أتكلم عن مناسبتهما، وعاطفة الشاعر داخلهما، وتلك الصور التي برزت أو الاخرى التي غابت، وبناء القصيدة بشكل عام، وأمور اخرى..

ولكن قبل ذلك أعتقد أنه حان الإعلان عن القصيدتين..

القصيدة الأولى:

  • *جرح ينزف من طعنة غدر مجنون

ألم يعتصر القلب الباكي المحزون

وحدة نفس , عتمة ليل , بل حي مدفون

هم وضياع في غربة روح وشجون .

يأس يغتال بريق وحلو الآمال

حزن يسرق لهو براءات الأطفال

بؤس يرتمي بالأحضان على مر الأجيال

مد ن وقرى صارت معقل بوم وبقايا أطلال

ياللهول وياللروع بإجرا م المجرم بجنين .

عهد ينكث , زرع يجتث , كلب يلهث , قرد يعبث

أمر يبحث مع خنزير ملعون .

يهدم دارا يبنى جدارا

ينوي حصارا يشعل نارا

ذاك هو الإرهابي شارون .

كيف يكون هناك سلام

والغدر ونكث العهد سياسة ساسة صهيون !

أم ثكلى وأخرى حبلى

قتل , تشريد , ترويع , بقر بطون .

ياللعار فأين الجار ومتى الثأر

وأين الرمح المسنون .

أين صلاح الدين وخالد

أين سيوف الحق تجاهد

حتا م نهادن قهرا ونكابد ذلا ونهون

وا أقصاه ولاتحزن مسرى رسولي على طول التأخير

إن جنود الحق بقوة عزم إن شاء الله سيأتون

<!-- / message -->القصيدة الثانية:

معقول عاد ياسيادة الخبير

ماعندنا في القائمة إلا بيان

يضم ستمية عشرطعش ألف فقير!

عفوا .. كفى

ياخي أنا وهو أنا !

عمر صبي وأنا على الكرسي مدير

قصدي غفير والحين ماعندي سكن

أو حتى عشة في مخطط مقبرة

ومعي عشر طعش نفس بنت وولد صغير

صحيح نسرق كل غازات المصانع في هدوء

لكن بكل يوم نجلس نحتفل (جلسة بخار وقسطرة)

إلا بجد ياكبير ياهمام

وش رايك نطيّر نعام

ولا بلاشي خلها

تعال عندي لعبة احلى من العسل

أبدا أنا :

كم ظنك يبيض الحمام؟!

عشر طعش !

مستر كارد أبو قحش

حر و طفش

والسوق مابعد انتعش

والاقتصاد راح فيها وانكمش

قثدي هذيك

اللي يقال أثهم عبث

خطأ خطأ .. آسف أنا

القافية أصلا على إقلط تعش

وحب يدك وخشها

تعال نبدا من جديد

ونشوف كم سعر الحديد

لأن هذا يهمني

في كل يوم امسي على الحلم التليد

على افتراض آخذ تورق إقتراض

لكن مافيش البنك مايقرض محيش

بذمتك هذا كلام !

ياخي ولو نقطة نظام تنهي مآسي حلم بيت المسخرة

في كل يوم أبني الأماني في زماني بالحلم

ودي يكون لي قصر مثل اللي شفته بالفلم

أو حتى شقفة ( دي بلوكس )

مساحته : أنا قنوع .. جدًّا قنوع

حوش و مقلط كبر حوض ( الهاي لوكس )

مع الأسف إحساسي أن الحلم طار

وأصحي محمل بالأسى والإنكسار

وآدور في كل المداين شايلن هم الصغار

ومسحاة فوق الكتف ماكلها الصدى

وسيرتي المحنطة رقم مميز ضمن أرقام انتظار

في قبر وسط المحفرة

وساعات أقول يا عسى وعلَّها

باكر أفوز بمكرمة وأفلَّها

وأردد النشيد فوووووووق

( وفو ق هام السحب ) يامجدي التليد المفخرة

غنوا معي ضحك وبكي

نشيد عز وفشخرة

حنا الوطن وأهل الوطن

صرنا عبيد ومسخرة

والتنمية حكي بحكي

حفلة وطبل ومبخرة

وحنا الوطن وأهل الوطن

فقر ومرض رجل ومرة

وحنا الوطن واهل الوطن

وحنا الأساس اللي عمره

حنا الوطن وأهل الوطن

والدرع لو جار الزمن

حنا حماته من يقرِّب من سياجه ننحره

لكن رجا وآخر رجا نبي نغني بدون طبل ومبخرة

© 2024 - موقع الشعر