عيد الجهاد

لـ أحمد شوقي، ، في غير مُحدد

عيد الجهاد - أحمد شوقي

عيد الجهاد*
"نظمها احتفالاً بعيد الجهاد الوطني في 13 نوفمبر سنة 1926".

خطونا في الجهاد خطاً فساحا
وهادنا، ولم نلق السلاحا

رضينا في هوى الوطن المفدى
دم الشهداء والمال المطاحا

ولما سلت البيض المواضي
تقلدنا لها الحق الصراحا

فحطمنا الشكيم سوى بقايا
إذا عضت أريناها الجماحا

وقمنا في شراع الحق نلقي
وندفع عن جوانبه الرياحا

نعالج بشدة، ونروض أخرى
ونسعى السعى مشروعاً مباحا

ونستولي على العقبات إلا
كمين الغيب والقدر المتاحا

ومن يصبر يجد طول التمني
على الأيام قد صار اقتراحا

وأيام كأجواف الليالي
فقدن النجم والقمر اللياحا

قضيناها حيال الحرب نخشى
بقاء الرق، أو نرجو السراحا

تركن الناس بالوادي قعودا
من الإعياء كالإبل الرزاحى

جنود السلم لا ظفر جزاهم
بما صبروا، ولا موت أراحا

ولا تلقى سوى حي كميت
ومنزوف وإن لم يسق راحا

ترى أسرى وما شهدوا قتالاً
ولا اعتقلوا الأسنة والصفاحا

وجرحى السوط لا جرحى المواضي
بما عمل الجواسيس اجتراحا

صباحك كان إقبالاً وسعداً
فيا يوم الرسالة، عم صباحا

وما تألوا نهارك ذكريات
ولا برهان عزتك التماحا

تكاد حلاك في صفحات مصر
بها التاريخ يفتتح افتتاحا

جلالك عن سنا الأضحى تجلى
ونورك عن هلال الفطر لاحا

هما حق، وأنت ملئت حقاً
ومثلت الضحية والسماحا

بعثنا فيك "هاروناً وموسى"
إلى "فرعون" فابتدآ الكفاحا

وكان أعز من روما سيوفاً
وأطغى من قياصرها رماحا

يكاد من الفتوح وما سقته
يخال وراء هيكله "فتاحا"

***
ورد المسلمون فقيل: خابوا

فيالك خيبة عادت نجاحا!
أثارت وادياً من غايتيه

ولامت فرقة وأست جراحا
وشدت من قوى قوم مراض

عزائمهم فردتها صحاحا
كأن بلال نودي: قم فأذن

فرج شعاب مكة والبطاحا
كأن الناس في دين جديد

على جنباته استبقوا الصلاحا
وقد هانت حياتهم عليهم

وكانوا بالحياة هم الشحاحا
فتسمع في مآتمهم غناء

وتسمع في ولائمهم نواحا
حواريين أوفدنا ثقات

إذا ترك البلاغ لهم، فصاحا
فكانوا الحق منقبضاً حيياً

تحدى السيف منصلتاً وقاحا
لهم منا براءة أهل بدر

فلا إثماً نعد ولا جناحا
ترى الشحناء بينهمو عتاباً

وتحسب جدهم فيها مزاحا
جعلنا الخلد منزلهم، وزدنا

على الخلد الثناء والامتداحا
***

يميناً بالتي يسعى إليها
غدوا بالندامة، أو رواحا

وتعبق في أنوف الحج ركناً
وتحت جباههم رحباً، وساحا

وبالدستور، وهو لنا حياة
نرى فيه السلامة والفلاحا

أخذناه على المهج الغوالي
ولم نأخذه نيلاً مستماحا

بنينا فيه من دمع رواقاً
ومن دم كل نابتة جناحا...

... لما ملأ الشباب كروح سعد
ولا جعل الحياة لهم طماحا

سلوا عن القضية، هل حماها
وكان حمى القضية مستباحا؟

وهل نظم الكهول الصيد صفا
وألف من تجاربهم رداحا؟

هو الشيخ الفتي، لو استراحت
من الدأب الكواكب ما استراحا

وليس بذائق النوم اغتباقاً
إذا دار الرقاد، ولا اصطباحا

فيالك ضيغماً سهر الليالي
وناضل دون غايته، ولاحى

ولا حطمت لك الأيام ناباً
ولا غضت لك الدنيا صياحا

***
© 2024 - موقع الشعر