مقادير من جفينكِ حولنَ حاليا - أحمد شوقي

مقادير من جفينكِ حولنَ حاليا
قذفت الهوى من بعد ما كنت خاليا

نفذْن عليَّ اللبَّ بالسهم مُرْسَلاً
وبالسِّحر مَقْضِيّاً، وبالسيف قاضيا

وأَلبَسْنَني ثوبَ الضَّنى فلبستُه
فأحبب به ثوباً وإن ضمّ باليا

وما الحبُّ إلا طاعة ٌ وتجاوزٌ
وإن أكثروا أوصافه والمعانيا

وما هو إلا العين بالعين تلتقي
وإن نوّعوا أَسبابَه والدَّواعيا

وعندي الهوى ، موصوفُه لا صفاتُه
إذا سألوني : ما الهوى ؟ قلت : ما بيا

وبي رَشأٌ قد كان دنيايَ حاضِراً
فغادرني أشتاقُ دنياي نائيا

سمحتُ برُوحي في هواه رخيصة ً
ومن يهو لا يؤثر على الحبِّ غاليا

ولم تَجْرِ أَلفاظُ الوشاة بريبة ٍ
كهذي التي يجري بها الدّمعُ واشِيا

أَقول لمن وَدَّعْتُ والركبُ سائرٌ:
برغم فؤادي سائرٌ واشيا

برغم فؤادي سائرٌ بفواديا
أَماناً لقلبي من جفونِكِ في الهوى

كفى بالهوى كأْساً، وراحاً، وساقيا
ولا تجْعلِيه بين خدَّيْكِ والنوى

من الظلم أن يغدو لنارين ثاليا
ولم يَنْدملْ من طعنة القَدِّ جُرحُه

فرفقاً به من طعنة البيْن داميا
© 2024 - موقع الشعر