لماذا تبكي النّساء؟! - أحمد علي سليمان

تبكي النساءُ على ما ليس يُغتفرُ
من العقوق إذا الأولاد قد فجروا

يبكين أن الحيا جَفتْ منابعُهُ
والقبحُ زاحمَهُ ، والظلمُ والبَطر

إذ أصبحتْ طاعة الأبناء عاجزة
عن أن تُلبّيَ ما يُرجى ويُنتظر

طغى العُقوقُ على الأبناء فانحرفوا
وبالنكال دهى العقوقُ ما اعتبروا

لم يستقيموا على التوحيد يُرشِدُهم
إلى الرشاد به تُستمطر الأجُر

ولم يُبالوا بما العقوقُ يُعقِبُهُ
من السقوط ، وأنى ينفعُ الحَذر

تبكي النساءُ على الأبناء ما احترموا
ما حَلّ من كِبَر به اكتوى العُمُر

وللمشيب عَذاباتٌ وجَندلة
كم من شباب فتىً أردى به الكِبَر

خابَ العقوقُ ، وخاب الناعقون به
وخيّبَ الله أقواماً به أمَروا

توعّدَ الله مَن عقوا ، وبَكّتهم
وصحّ عن مُصطفاه النصُ والخبر

أن العقوبة للعقوق عاجلة
ولا يؤخرُها للبعث مقتدر

وسوف يلقى الألى عقوا عقوبتهم
عسى يكون لهم رَدعٌ ومُزدَجَر

تبكي النساءُ على الإحسان جُدْن بهِ
وعندما كبرَ الأولادُ قد نكِروا

وليس يُصلحُ دمعُ العين ما هدموا
ولن يُعيدَ صلاحُ الحال ما دَحروا

ولن يُزيلَ بكاءَ القلب لومُ فتىً
وليس يجلبُ سعداً حين يعتذر

مناسبة القصيدة

(إن أكثر ما يُبكي النساءَ في عصرنا عقوقُ الأبناء والبنات! وكُنا في الزمن الماضي نقول: (عقوق الأبناء) ، عانين بذلك الأبناء الذكورَ فقط ، فأصبحْنا اليومَ نضمُ لهم البناتِ في العقوق للأسف! وعموماً على العاقين من الجنسين أن يعلموا أن هذا العقوقَ يُعَجّلُ الله بالعقوبة من صاحبه أو صاحبته في الدنيا! وهذا يكفي! والأحاديث النبوية في باب عقوق الوالدين كثيرة لمن تدبرها! ومنها مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ ، وَمَنْعًا وَهَاتِ ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ: وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ}. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا ؟ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ}. وَالْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ}. وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: {ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكَبَائِرَ فَقَالَ : الشِّرْكُ بِاَللَّهِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ} ، الْحَدِيثَ. {وَفِي كِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي كَتَبَهُ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَأَنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ، وَالْفِرَارُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَرَمْيُ الْمُحْصَنَةِ ، وَتَعَلُّمُ السِّحْرِ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ،} الْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ وَاللَّفْظُ لَهُ بِإِسْنَادَيْنِ جَيِّدَيْنِ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ ، وَالْمَنَّانُ عَطَاءَهُ . وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالدَّيُّوثُ ، وَالرَّجِلَةُ مِنْ النِّسَاءِ}.)
© 2024 - موقع الشعر