بدر أمي

لـ غيث خليفة القحطاني، ، في المدح والافتخار، آخر تحديث

بدر أمي - غيث خليفة القحطاني

بدرٌ بِداري ضاءَ في الظَّلْماءِ
حتّى ظننتُ الصُّبحَ في الأرجاءِ

جعلَ الدّجى صبحاً منيراً مبهراً
مُتكاملاً مُّتوَهِّجَ الأضواءِ

فإذا بهذا البدرِ ينشدُ شاديًا
مترنماً كالبلبلِ الغنّاءِ

راقبتهُ فإذا بأمي وجهها
قدْ لاحَ في كبد السّما العلياءِ

فرأيتُ رِئيًا صادرًا من وجهها
وكذاكَ رِئي الغادَةِ الحسناءِ

ملكتْ كمالَ ملائِكٍ وكأنها
مِنْ كَوكبَ الآلاءِ والنّعماءِ

شَعَرَتْ مشاعِرُ شاعِري وشَعائِري
شِعرًا لَها بِصَنيعةٍ وَوَفاءِ

وَصِفافُها صَفوُ الصِّفافِ، صَفِيَّةٌ
مِثْلَ الفُراتِ عَلى أتَمِّ صَفاءِ

وَدَّ الوَداد دَواء وِدَّ وِدادِها
فودادها ترياق كل الدّاءِ

وبَها البَهاء بِها وباهَى وابتَهى
فَهِيَ البَهاءُ وَمَصْدَرُ الإبهاءِ

وَدَوائِحُ الأَمْدَاحِ داحَتْ وَارتَقَتْ
وإلى الدَّحوحِ تقرَّبَت بِسَناءِ

وَسَنائُها يَسْنُو وَيَسْمُو فاعتَلت
حَتّى تَعَدّت ذروةَ الجَوزاءِ

وبَشائر الرُوح الغريرِ ورَوحُها
نحَّى جميعَ الهمّ والصُّعَداءِ

هِيَ جنةٌ جُنَّت أراضيها، فلن
تلقى بها مِن ذرةٍ شَنْعاءِ

وَشَعا شَعيعُ ُشعاعِها فَتَشَعْشَعَتْ
أضوائُها كالشَّمسِ في الإمْساءِ

ناهُورُها هَمَرَ المِياهَ فأينَعَت
أثماُر أرضٍ مُقْفِرٍ جَدْباءِ

وَعَبيرُها العَبَقُ المُعبَّقُ في الفضا
نَبَضَاتُها هِيَ عَالَمُ الأحياءِ

هِيَ مَلجَأٌ مِنْ جندلٍ مُستحكِمٍ
يَحْمِي الأنامَ مَصائِبَ الأعداءِ

فَهِيَ المُعلّمُ وهي خَيْرُ مُعَلِّمٍ
مِنها تبدَّأ أعظمُ الحُكَماءِ

هِيَ علّمتني في الحَياةِ بأنّهُ
لا دارَ بينَ النّاسِ للسّفهاءِ

(أَمَلٌ) هِيَ الحَسْناءُ في أوصَافِها
وفِعَالِها، مَن لِي سِوا الحَسْناءِ

وهِيَ الضِّياءُ وَكُلُّ ضَوءٍ نيِّرٍ
لا نُورَ غَيرَ الأمِّ في الظَّلْماءِ

© 2024 - موقع الشعر