نشكو الجراحَ - عبدالناصر عليوي العبيدي

الشعرُ رمزٌ وفي التبيانِ إفصاحُ
والأمرُ صعبٌ إذا ما غابَ لمّاحُ

نبكي على القدسِ والآلامُ تعصرُنا
والهمُّ يسكنُنا والخوفُ يجتاحُ

نبكي جراحاً بلا دمعٍ ولا وجلٍ
والجرحُ صعبٌ وما يحتاجُ جرّاحُ

نشكو الجراحَ لمن قد كانَ يجرحُها
وهل يداوي جراحَ القلبِ سفّاحُ

والرّعبُ يكبرُ في الأطفالِ من صغرٍ
في الليلِ يسكنُهم غولٌ وأشباحُ

يأتيهم الخوفُ كالغربانِ داهمةً
من والجِ الليلِ لا يأتيهِ إصْبَاحُ

هذي العروبةُ ماتتْ دونما أملٌ
لن يضرمَ النارَ نفاخٌ وقدّاحُ

باعوا ضمائرَهم للغدر وانتفضوا
مثلَ الشياطينِ قد غصّت بها السّاحُ

باعوا العروبَةَ في سرٍّ وفي علنٍ
لكيْ تقومَ على الأنقاضِ أفراحُ

أين العروبةُ بل أين الحليمُ بهم
قد حلَّ في القومِ أحزانٌ وأتراحُ

مثلَ النعامةِ تخفي الرأسَ خائفةً
ماذا عن الرأسِ لو جاءته أرْيَاحُ

تخبئُ الرأسَ والأشلاءُ بارزةٌ
وراحَ ينهشُ في الأشلاءِ تمساحُ

قالوا التماسيحُ صعبٌ أنْ نحاربَها
هيّا نصالحها لعلّ نرتاحُ

شاهتْ وجوهُهمُ ماعادَ ينفعُهمْ
إنْ نامَ شانئُهمْ أو قامَ مدّاحُ

هذي مراكبُنا في البحرِ هائمةً
وخانَ في القومِ سفّانٌ وملّاحُ

ونحن نغرق في صمتٍ ولا أملاً
ولا يُشَكُّ بأنَّ الجمعَ سبَّاحُ

ضاع الكماةُ إذا الأنذالُ ما ارتفعتْ
والنذلُ يرفعُه في القومِ نباحُ

لا تأملِ الخير من قيحٍ ومن جربِ
ما عاد في القومِ أفذاذٌ واقحاحُ

إنّ النعالَ إذا طالَ الزمانُ بها
ما عاد ينفعها رتقٌ وإصلاحُ

© 2024 - موقع الشعر