سجن الماضي - لطفي بن قاسم القالي

رحلوا آخذين قطعا منا
رحل من عمر الدار معنا
تاركين رائحتهم في غرفهم
لي أخت رحلت عن عالمي
تاركة أثارا في حياتي
كان لي أخ
رحل تاركا فراغا في نفسي
كان لي أب سافر بلا عودة
كانت لي أم غادرت بلا رجعة
كلهم رحلوا عني
تاركين رائحتهم في قميصي
تاركين ملابسهم في غرف الدرج
تاركين أثارا تفكرني بهم
وأقمصة تتحدث عن تاريخهم
هذا حذاء أخي
كان يجري به خلفي
هذا قميص أختي
كانت ترتديه كلما لعبت الغميضة معي
هذا جلباب أمي
أتذكرها به عندما كانت تطبخ الخبز لي
هذا سروال أبي
كان يذهب للصلاة به ممسكا بيدي
هذا قميصي الذي خاطته أمي لي
هذا حذائي الذي استعاره أخي مني
هذه أقمصتي في الدرج
تجاور أقمصة التاريخ
لم يبقى من أثارهم إلا رائحتهم
وذكريات ترويها أقمصتهم
ودموع تتساقط
كلما فتحت درج ملابسهم
أين زمانهم
كيف انتهى
كيف رحلوا
كيف اختفوا
وكيف ما زلت هنا وحدي
أواسي نفسي برائحتهم
وأحدث أقمصتهم
وألمع أحذيتهم
وأتعقب بصماتهم
وكأنني أترقب عودتهم
لكنهم رحلوا
وانتهت الأحلام
هيا يا قدمي
تحرك بي
خذ بيدي إلى أمام
تاركا ورائي الألآم
حررني من سجني
تجاوز بي الذكريات
وقيود الماضي
سير بي نحو المستقبل
وأعتقني من لعنتي
لعنة حنيني للماضي
© 2024 - موقع الشعر