أ في المرادية قط؟ - الطاهر بلقاسم مهدي

لم يبق في القصر لا حكمٌ ولا أحدُ *** أفي المرادية قطٌّ ام به اسدُ
لم يبق للشعب صبرٌ ولا مُقَلٌ *** تَنوءُ بالحُزن إلاّ الدّمعُ والكَمَدُ

لم يبق للناس شيءٌ رغمَ صَبرهمُ*** لم يبق في القلب حتّى وَمْضَةٌ تَقدُ
لم يبق الا خياناتٌ مغلّفَةٌ *** بحبّ البلاد وهي منه تتّئدُ

حُزْني على بطل تجري مدامعهُ *** فوق الخدود وهو يَفْتقدُ
عزّ الرجال وعزّ الحق في وطن *** لم يبق للحق فيه لا سيفٌ ولا وتدُ

يريدُ ان تُكسَرَ الاصْفادُ عن بَلَد *** لها حُكَّامٌ يَمْلأُ عَينَهم حَسَدُ
حُزْني على فتية تاهوا بِبوطِهِمُو *** ما غادروه ولكن فيه قدْ وُئدُوا

حزني على امّ ظلَّ الخَوفُ يَقْتُلُها*** تبكي وتصرخ اينَ قلبيَ الوَلَدُ
حزني على البنت تبكي ووالدُها *** قد مات في البحر لم يسمع به احدُ

تَلوذُ في صَمْتها غَضْبانه مُضْطهَدَة *** فكيف يَبْأسُ عند الموت مُضطَهَدُ
يا بوتفليقة مَنْ أَسْداكَ رَايَتَنا*** لا الشعبُ زَكَّى وَلاَ أَوْلادُهُ عَهدوا

سَرَقْتَها في ظَلاَم العَشْر مُمْطَتيا*** خَوْفَ النفوس، وتَكبُو كُلّما تَفدُ
مَدَّدْتها والاعداءُ راضيةٌ عَليْك*** بقَبْضَة منْ يد الشّمْطاء تَنْعَقدُ

هَلْكانٌ من بَلَد تَمْشي الى بَلَد *** بجسْمكَ الطّاعونُ يَسْري فتَنْهَمدُ
لَمْ يَخْفَ مَكْرُهم عنّا مُذْ حَكَمْتَ دَوْلَتَنا *** عَبَثا منك ومن اَهْلك السُّهَدُ

لاقَوا لكَ العُذْرَ فيما انْتَ فاعلُهُ *** لقدْ اهْلَكْتَنا، وَهُمْ في فعْلكَ وَجَدوا
المالَ والفُحْشَ والافْسادَ في بَلَد *** تُهدَى اليْكَ فَهُمْ حَلّوا وهُمْ عَقَدوا

يا مَن يَرى الظُّلْمَ حفّاظا لسَطْوته *** لقد رُمْتَ وَهْما حَتَّى صرْتَ تبتعد
لقدْ تَمَنَّوا عَلَيْنا انْ نَخرَّ لَهُمْ *** اذا قَبلْنا فَايْنَ رَبُّنا الصّمَدُ

لوْ كُنْتَ صَاحبَ عَهْد كُنْتَ مُنْتَقيا*** منْ خيرَة الشَّعْب مَنْ يُرْجَى ويُعْتَمَدُ
لَكنْ ارَدْتَ بما لَدَيْكَ من طبَع*** تُعْطي الكلابَ منْ خانُوا ومَنْ فَسَدُوا

إنْ قُلْتَ قالوا وإنْ دُسْتَهُمْ سَكَتُوا *** مُلَجَّمينَ وانْ قُلْتَ ارْكَعُوا سجدوا
ما احْقَرَ الحُكْمَ في شَعْب يُذَلُّ به *** أَنْفُ الكرام ولا رَأْيَ لَه ومُعْتَقَدُ

يا لَلرّجال فَلْتَغْضَبْ قَريحَتُهُم *** لهَوْل ما عايَنوا منْهُمْ وما شَهدوا
ظنَنْتَهُمْ بَقَرا بالذُلّ تَجْلدُهُم*** قاموا فَمَا ماتوا وما جُلدوا

ما خافوا من المَوْت، والطَّاغُوتُ فَوْقَهُمُ *** ماتَ منَ الخوف وفي وجهه نَهَدوا
لَمْ يَأمَلُوا ابدا لو عاشُوا بذلّته *** أنْ يَسْلم الدين و الحقُّ فَقَدْ شَرَدوا

ثاروا من الظلم احلافا مفوّجةً***والقوم من الرعب أمسوا وما رقدوا
تمشي بلعنهم الأرهاط غاضبة***وكلما نَزَلوا في شارع طُُردوا

هُنا عَلا الشعبُ وفي عَيْنَيْه اَلْسنَةٌ *** منَ النّيران وفي افْوَاهه زَبَدُ
شَفَيْتَ غَيْضَكَ يا شَعْبُ وتَقْهَرُهُمْ *** وجُرْمُهُمْ انَّهُمْ للشَّرْعيَّة افْتَقدوا

اذْلَلْتَ عبد صُهيون منهم و مُنخَذلا *** فما فَرَرْتَ وهُمْ في قَهْرهمْ هَمَدُوا
انْتْ العَظيمُ وبالحَرَاك تُثْبتُهُ *** أمّا اللَّئامُ فَوَسْطَ الخزْي تجْتَلدُ

انبث في الحكم اشخاصٌ معفّنة *** منها الفساد وصارت نارها تقدُ
اين الحياء؟ والكلاب تنهشه *** نهش الضواري ولا تقْنَعْ بما تجدُ

كيف استساغوا؟ فلا تعجبْ لقدْ عُهدوا *** على البغاء وقد شبُّوا وما اقتصدوا
تقودُهمْ مصالحُ منْ غرائزهمْ *** فهم رعاع ولو في قصورهم رقدوا

غشّوا وأفشَوا ظلما في جزائرنا *** والكره بان والاحقاد ترتفد
باعوا وخانوا فما خلَّوا ولا تركوا *** للناس حقّا لَكنْ لّمن فسدوا

فكُّوا للشعب ارزاقا وما رحموا *** كبيرا ولا صغيرا و زاد عن حده العدد
حتى الاجنّة ماتت في مشافيهمُ *** فاعملوا القتل في الناس وابتعدوا

كلُّ فساد الدنيا ظل في طبيعتهم *** في الحكم يعرفهم والمالَ لَهُ حَشَدوا
جنّت بهم شهوات الفسق صائلة *** في ملهى باريس والإغراء يطّّردُ

يقضون اوقاتهم في عهر وفي دعة***والناس عند سقوط الثلج ترتعد
يَدٌ تُخون المبادي في حضارتنا***وتنثر الورد تحت الفاجرات يَدُ

يا نكبة الوطن الغالي اذا ذُكروا***فهم بنوه ولكن حبه جحدوا
خانوا رسالته لم يسمعوا أبدا***لمن أشاروا عليهم ولا لمن نقدوا

أذاقوا الشّباب اتراح فاجعة***وصبّحوه على الالام واضطهدوا
ضَنّوا عليه بما من حقه وله*** وناولوه من الكأس ما افتقدوا

وشرّدوه والقلب ملؤه أسف***وهجّروا كل من ليس عنده مدد
وأطردوه الى بحر يسيخ به*** بين العواصف والامواه تطرد

كم بكى من جبان راح يحرمه*** فأبكاه أن أكلوا الشعب وما همدوا
فليتهم نهبوا خيرا وما نكروا*** من النعيم ولا أغمّهُمْ رغَد

الشعب صَاحي رغم أنه تعب***والامر مضطرب والعزم منعقد
لطرد أناس كانوا بغاة في قصورهمُ*** واليوم عوراتهم ما لها سند

يا ليتهم ماتوا وتلك رغائبنا*** يأتي بها الشعب والاحرار تحتشد
يا خائنين، لنا يومٌ سيفرحنا *** فوطّدوا النّفس كل النّفس وارتصدوا

سنضرب الضربة العظمى بلا وجل***ونبطش البطشة الكبرى ونعتضد
وقد عرفنا، فللأيّام دورتها ****والبطش يزري باهليه ويحتصد

يا رب ابعث إليهم من يذلّهمُ*** بقدر ما هجّروا منا وما طردوا
ولا يحلو لهم عيش بما سلبوا***وشأنُهم عند اَخْلاق الوَرَى زَبَد

© 2024 - موقع الشعر