أشــــواق الغربـــة - أحمد علي سليمان

ليس شيءٌ عانيتُه كاغترابي
عن ديار متى إليها إيابي؟

هزني الشوقُ للديار طويلاً
فانتحبتُ هل منصتٌ لانتحابي؟

هل تُساوي الأموال بسمة طفلي؟
قد حُرمتُ منها ، وطال غيابي

ما الحياة إن أصبح البُعدُ جبراً؟
هل يحن البُعدُ على الأغراب؟

هل حُلولٌ إن هاج شوقُ غريبٌ
أو طوتْه لواعجُ الأوصاب؟

نصفُ هذا الغريب يحيا بأرض
وبأخرى نصفٌ يني باضطراب

أسرة تنعى عائلاً في فلاةٍ
هل حياة في بُقعةٍ مِجداب؟

مَن يُعد طعامَ أشقى غريب
لا يُلاقى في النفي بالترحاب؟

مَن يُداوي جراحَه ثاعباتٍ
دمَ مظلوم خاض أشقى مصاب؟

مَن يُجففُ الدمعَ في عين فردٍ
سال مِغزاراً منه في المحراب؟

مَن يُعزيه إن دهتْه المنايا
طارقاً بالبشرى على الأبواب؟

مَن يُسلي الغريب إن مَلّ عيشاً؟
مَن يُهدّي توترَ الأعصاب؟

مَن يُزيلُ عنه اكتئاباً مريراً
حيث طمتْ مرارة الإكتئاب؟

مَن يرد أهلاً ودراراً وصِيتاً
وأناساً مِن خيرة الأصحاب؟

إنني في شوق كبير إليهم
مثلِ شوقي للأهل والأحباب

ليس يدري بالشوق مثلُ غريب
كم يُعاني فواجعَ الإغتراب

وحنيني أهاج فيّ اشتياقي
لخلال أتيتُها في شبابي

مثل وصل الأرحام دون انقطاع
ثم عند المليك كان احتسابي

وصلاة بالليل تُشجي حياتي
قطعتْ مُذ سافرتُ للأعراب

صورة الماضي لم تُفارق خيالي
رغم بُعدٍ يُقاسُ بالأحقاب

والسواقي تروي الحقولَ ، وتسبي
لب راوٍ ، فما له مِن صواب

والطيورُ فوق الغصون تُغني
شقشقاتٍ في غاية الإطراب

والشروقُ يدب فوق الروابي
قاشعاً ما فوق الربا مِن ضباب

وأنا مُشتاقٌ لماضي حياتي
مُستعيداً للذكريات العِذاب

واغترابي يحولُ دون اشتياقي
إنه في التهوين ليس يُحابي

ما أبيتُ فيهِ عليه اصطباحي
قد مللتُ وَتيرتي وانتيابي

وبقايا الطعام في كل صحن
وهنا فوق مشجبي جلبابي

لا جديداً في العيش يُسعدُ نفسي
غيرُ مَيلي إلى الدعا المستجاب

رب خففْ مَواجعي في اغترابي
رب منك أجزلْ عظيمَ الثواب

رب وارزقني في اغترابي ، ووفقْ
مَن سأدعو في ذا سوى الوهاب؟

© 2024 - موقع الشعر