مشاهد من يوم القيامة! (مساجلة للعشماوي) - أحمد علي سليمان

حارَ النهى فيما عليه سيُقبِلُ
والقلبُ من ثِقل المواجع مُثقلُ

والنفسُ أدمعَها مَصيرٌ مُبهمٌ
كانت به - بين الورى - لا تحفل

والروحُ سربلها شعورٌ مُقلقٌ
ماذا يخبئ يا تُرى المستقبل؟

والخاطرُ الملتاعُ حطمه الجوى
فمضى يُحولق تارة ويحوقِل

والأمنياتُ تبعثرتْ لم تتخذ
مأوىً لها ، فاليومَ عز المنزل

مَن عاش تُلهمه القيامة درسَها
أتغره الدنيا عليها يُقبل؟

وله احتضارٌ ليس يعلمُ حِينه
وبمشهدِ السكَرات حتماً يكمُل

أتكون خاتمة السعادة حظه
وله بها مُتعلقٌ وتبتل؟

أشهادة التوحيد آخرُ قوله
أم لفظها أمسى يُرادُ فيعضل؟

والقبر هل هو روضة؟ أم حفرة؟
أيُجاوبُ الملكين؟ أم يتزلزل؟

وكتابُه بيمينه هو آخذ؟
أم بالشمال وذا يشينُ ويُخجل؟

أيمر فوق صراطه متبختراً
إذ كان للأخرى يجد ويعمل؟

هل قد نجا ، فعن الجحيم مزحزحٌ
وجنان رب الناس ها هو يدخل؟

أيرى مليك الناس في جناته؟
أم ذا عن الرؤيا هناك مؤجل؟

أم أنه المحجوبُ عن رب الورى
يرجو ، ولا يحظى بما هو يأمل؟

إن القيامة لا تُعد دروسُها
والوعظ في هذي الدروس الأمثل

وتسوقُ من عِبَر المصائر جُملة
تَسبي عقولاً في القضا تتأمل

ما بين ميلادٍ وموتٍ عيشُنا
ففتىً سيولدُ ، ثم آخرُ يَرحل

ما بين فرحتنا بمولودٍ هنا
فهناك ميْتٌ بالدموع يُغَسّل

أواه مِن تلعاب دنيانا بنا
أرأيت مفتوناً بها مَن يعقل؟

سيزولُ زخرفها ، ويمضي حُسنها
والمرءُ عنها ذات يوم يُعزل

لا خلدَ إلا في حدائق ربنا
إن الجنان هي المَقامُ الأمثل

والموتُ للإنسان جد قيامةٍ
والقبرُ منزلها الوشيك الأول

لا بد منه ، وإن غدوت مُعَمّراً
وإليه يوماً – رغم أنفك - تُحْمَل

رباهُ فالطف يا رحيمُ بمن قضى
منا ، ومنه الدودُ أصبح يأكل

© 2024 - موقع الشعر