عقوقٌ يرتدي ثياب البر - أحمد علي سليمان

إن للبر - يا خزايا - دليله
والسجايا - على الغثا - مستحيلة

ليس يُرجَى - من الأشحّة - خير
إذ يروْن العطاء أخزى رذيلة

لا يُلام الأوباشُ إمّا تردّوْا
ليس - عند النوكى - نفوسٌ خجولة

وصنيعُ الأفذاذ عنهم تناءى
مثلُ هذا يرجو طباعاً أصيلة

هذه الأم كم تعاني ، وتسمو
بعدما صارت - في البرايا - ذليلة

سربلتها الخطوبُ من كل صِنفٍ
واحتواها العذابُ والضنكُ غِيلة

كم - لأجل الأبناء - قاست صروفاً
مِن رزايا بها تضيق القبيلة

كم أيادٍ لها على كل نذل
منذ كانت بمن تعول الكفيلة

كم ليال طالت عليها دهوراً
وهْي كلمى بالعائدات الثقيلة

تبذلُ الخيرَ الجميلَ احتساباً
بذلَ فضلى تجود جود الخليلة

تغمر الكل بالوئام احتفالاً
إن إسداء الحب أحلى فضيلة

كم كَوَتها الدنيا بأشرس ناب
فاستمتْ حتى لا يُقال: قتيلة

ثم ضِيمتْ لمّا اعترتها البلايا
حيث لم يُبْرئْ جرحَها أيّ حيلة

وإذا الطب يبترُ الساق جبراً
ثم يُغضي حتى يُقيم دليله

والتكاليفُ فوق طاقة أم
أين كفٌ مِعطاءة ونبيلة؟

تنفقُ المال والتكلف حباً
واحتراماً كيلا تكونَ بخيلة

فإذا بالأبناء يأتون طوعاً
بأيادٍ عن أيّ بذل كليلة

واكتفوْا بالتقبيل ، والأم تبكي
مِن مصير أمستْ خطاه مَهولة

هل تبيع الحُلِي بيعَ التجاءٍ
فيه سعرُ السوار سعر الفسيلة؟

أم تقول للناس: جودوا على من
عدمتْ - في التحصيل - كل وسيلة

عقها الأبناءُ الألى خذلوها
كل عبدٍ صَدّته عنها الحليلة

ربة البيت أهمِلتْ دون حق
حيث باتت هناك أمٌ بديلة

ثم لِيكتْ بألسُن لا تراعي
حق أم (رغم التشفي) أثيلة

ألسُنٌ مِن فرط الأذى كم أهانت
عِرضَ فضلى - بين الولايا – بجيلة

إيهِ يا أمّاً تشتكي مَن جفاها
سامحيهم ، إذ أنتِ أمٌ جليلة

© 2024 - موقع الشعر