انتحار الطلبة - أحمد شوقي

ناشئٌ في الوردِ من أيامِهِ
ظلمَ الرجالُ نساءهم وتعسفوا

بين إِشفاق عليكم وحذر؟
أبا الهَولِ ، طالَ عليكَ العُصُرْ

والعلمُ بعضُ فوائدِ الأَسفار
سدَّد السهمَ الى صدرِ الصِّبا

ورماه في حواشيه الغُرَر
فمصابُ المُلك في شُبَّانه

اين البيانُ وصائبُ الأفكار؟
فيه مجالٌ للكلام، ومذهب

ليَراعِ باحثة ٍ وسِتِّ الدار
بيدٍ لا تعرفُ الشرَّ ، ولا

صَلحتْ إلا لتلهُوبالأُكر
بُسطتْ للسمّ والحبل ، وما

بُسطت للكأسْ يوماً والوترَ
مما رأيتُ وما علمتُ مسافراً

فَكَّكَ العلمَ، وأَودى بالأُسَر؟
لِ ، تزولان في الموعد المنتظر؟

المؤمنون بمصر يُه
ولياليه أصيلٌ وسَحر

فيه مجالٌ للكلام ، ومذهب
بيدٍ لا تعرفُ الشرَّ، ولا

أبا الهول، ماذا وراء البقا
ءِ - إذا ما تطاول - غيرُ الضجَر؟

إِن الحجابَ على فروقٍ جنة ٌ
على لُبد والنُّسور الأُخَر

نَ وبالخليفة ِ من أَسير
خِفَّة ً في الظلّ ، أو طيبَ قِصر

والمسكِ فيّاحِ العبير
بُرْدَيَّ أَشعرَ من جَرير

ة ِ لحَقتَ بصانِعكَ المقتدر
كل يوم خبر عن حَدثٍ

سئم العيشَ ، ومَنْ يسأم يَذَر
فإن الحياة َ تفُلُّ الحدي

دَ إذا لبستْهُ ، وتُبْلي الحجَر
عاف بالدنيا بناءً بعد ما

خَطب الدُّنيا ، وأهدَى ، ومَهر
الصابراتُ لضرَّة ومضرَّة

فكفى الشيبُ مجالاً للكدر
حلَّ يومَ العُرسِ منها نفسَه

رحِمَ اللهُ العَروس المخْتضَر
من كلِّ ذي سبعين ، يكتمُ شيبهُ

والشيبُ في فَوديه ضوءُ نهار
ضاق بالعيشة ذرعاً ، فهوى

يأبى له في الشيب غيرَ سفاهة
غفرَ اللَّهُ له، ما ضرَّه

أَين البيانُ وصائبُ الأَفكار؟
ذاهباً في مثلِ آجالِ الزّهرَ

ما حَلَّه عَطْفٌ ، ولا رِفْقٌ، ولا
برٌّ بأهل ، أو هوى ً لديار

هارباً من ساحة ِ العيش ، وما
وقليلٌ من تَغاضَى أَو عذَر

وصِبا الدنيا عزيزٌ مُخْتَصَر
لا أرى الأيام إلا معركاً

مهما غدا أو راح في جولاته
دفعته خاطبة ٌ الى سمسار

وصبيٍّ أَزْرَت الدُّنيا به
ة ِ، الناهياتُ على الصدور

كالشمس ، إن خُطبتْ فللأقمار
أبا الهول وَيْحَكَ لا يُستقل

فتشتُ لم أَرَ في الزواج كفاءَة ً
ولقد أبلاك عذراً حسناً

المالُ حلَّل كلَّ غير محلَّلِ
أسال البياضَ وسَلَّ السَّوادَ

وأوْغل مِنقارُه في الحفَر
ويقول الطبُّ : بل من جنة ٍ

ورأيت العقلَ في الناسِ نَدَر
سَحَر القلوبَ، فُربَّ أُمٍّ قلبُها

من سحره حجرٌ من الأحجار
قلبٌ صغيرُ الهمِّ والأَوطار

يخفى ، فإِن رِيعَ الحمى
ورَمَتْ بها في غُربة وإسار

كأن الرّمالَ على جانِبَيْ
بقلادة ، أَو شادِناً بسوار

ضَنُّوا بِضائعِ حقِّهم
ن حُسَامُه شيخُ الذكور

وتَعَلَّلَتْ بالشرع ، قلت: كذبتهِ
وبنى المُلك عليه وعمَر

لا أرى إلا نظاماً فاسداً
عيل والملكِ الكبير

ما زُوّجت تلك الفتاة ُ ، وإنما
بِيعَ الصِّبا والحسنُ بالدينار

ها من ملائكة وحور؟
دِ، وعِصْمَة ُ المَلك الغرير

قال ناسٌ: صَرْعَة ٌ من قدر
فتشتُ لم أرَ في الزواج كفاءة ً

ككفاءة الأزواجِ في الأعمار
نزل العيش ، فلم ينزل سوى

نُقِلت من البال الى الدَّوّار
أَمسَيْن في رِقِّ العبي

وليالٍ ليس فيهن سَمر
والدرِّ مؤتلقِ السنا

وعلى الذوائب وهي مِسْكٌ خولطت
في بني العَلاّتِ من ضِغْنٍ وشر

لك في الكبير وفي الصغير
أبَويهم أو يُباركْ في الثَمر

والخيل، والجمِّ الغفير
نَشَأَ الخيرِ ، رويداً ، قتلُكم

القابضين على الصَّلي
لو عصيْتم كاذبِ اليأْسِ، فما

في صِباها ينحرُ النفسَ الضَّجَر
شارَفَ الغَمرة َ منها والغُدُر

يا ربِّ تجمعُهُ يدُ المقدار
مِ، الراوياتُ من السرور

فيم تجنون على آبائكم
وكيف ابتلوا بقليل العدي

دِ من الفاتحين كريم النفَر؟
وتعقّونَ بلاداً لم تَزَل

فمصابُ المُلك في شُبَّانه
بُشرى الإِمام محمد

أَيام في الزمنِ الأَخير
وربُّهن بلا نصير

شبَّ بين العزِّ فيها والخطر
ورفيع لمْ يُسوِّدْهُ أب

يتلو الزمانُ صحيفة ً
روِّحوا القلبَ بلذّات الصذِبا

ة ُ، وحكمة ُ الشيخِ الخبير؟
شيخُ الملوك وإِن تضع

وانشدوا ما ضلَّ منها في السِّير
وكان من يَققِ الحُبور

مهما غدا أَو راح في جولاته
وعمروا يسوقُ بمصَر الصِّحا

بَ ، ويزجي الكتابَ ، ويحدو السُّورَ
لا بالدّعِيِّ، ولا الفَخور

جعلَ الوِرْدَ بإذْنٍ والصَّدَر
إِنما يسمحُ بالروح الفَتَى

نورٌ تلأْلأَ فوق نور
ئرُ في المخادع والخدور

تجوس بعين خلال الديا
نبأٌ يثيرُ ضمائرَ الأَحرار

المحيياتُ الليل بالأَذكار
نُ تحرّك ما فيه ، حتى الحجر

© 2024 - موقع الشعر