العنبة الطافية - أحمد علي سليمان

مَازَالَتْ فِي وَجْهِكَ تَطْفُو
وَتُعَرْبِدُ فِي الأَرْضِ وَتَعْلُو

وَالبَاطِلُ عِنْدَكَ مَقْرُوْرٌ
فَبِهِ تَسْعَى ، وَلَهُ تَهْفُو

مَقْتُوْلٌ مَنْ يهْوَى عِنَبًا
مَيتٌ مَنْ كَانَ لَكُمْ يرْنُو

وَالمَاءُ عَلَى عَجَلٍ يجْرِي
وَالصَّخْرُ عَلَى وَجَلٍ يكْبُو

وَكُنُوْزُ الأَرْضِ فَمُخْرجَةٌ
وَالذَّهَبُ عَلَى السُّنْدُسِ يعْدُو

وَالفِضَّةُ رَطْلٌ بِرَغِيفٍ
وَالمَالُ بِأَيدِيكُمْ يرْبُو

مَنْ كَانَ يرِيدُ سَلامَتَهُ
لا ينْسَى أَبَدًا ، أَوْ يسْهُو

عَنْ إِخْلاصٍ لِعِبَادَتِكُمْ
أَوْ يرْحَلُ ، لا وقت ليلْهُو

لَمْ يعْرِفْ قَلْبُكُمُ رِفْقًا
لَمْ يُخْلِصْ أَبَدًا ، أَو يصْفُو

فَالقَلْبُ المُخْلِصُ فَيَّاضٌ
بِالنُّوْرِ وَبِالتَّقْوَى يشْدُو

وَالقَلْبُ البَائِدُ مَرْذُوْلٌ
وَعَلَى تَهْوِيلَتِهِ يطْفُو

وَإِذَا فِي الأَرْضِ رَأَى دَعَةً
لا يتْرُكُهَا ، وَلَهَا يسْطُو

كَمْ فِي شُطْآنِكَ مِنْ مَرْسَى
والمُؤمِنُ فِي قَاعٍ يرْسُو

وَعَدُوّكَ مَنْ حَرَّكَ طَرْفًاً
أَو حَتَّى فِي حُلْمٍ يشْكُو

أَوْ نَوَّهَ بِالكَيدِ وَأَغْرَى
أَو حَتَّى بِالآهَةِ يخْلُو

أَو حَتَّى في السِّرِّ تَلَوَّى
أَوْ بَاتَ عَلَى شخصك يدْعُو

أَوْ يوْمًا فِي الدَّمْعِ تَوَارَى
أَوْ لَيلاً فِي الظُّلْمَةِ يعْنُو

أَوْ تَوًّا فِي الصَّخْرَةِ أَمْسَى
أَوْ فَرْدًا فِي الخَيبَةِ يجْثُو

لَوْ مَاتَ بِحَالَتِهِ هَذِي
أَعَلَيهِ - تُرَى - مِثْلُكَ يحْنُو؟

وَكَذَا أَتْبَاعُكَ فِي عَمَهٍ
وَعُيوْنُكَ عَنْ نُوْرٍ تَغْشُو

هُمْ مِنْكَ ، وَثَمَّ إِلَيكَ إِذَنْ
وَعَلَى أَقْدَامِهِمُ تَخْطُو

مَنْ بَاتَ بِمَرْكَبِكُم يمْضِي
فَإِلَى نَارٍ أَبَدًا يسْمُو

وَكَذَا مَنْ كَانَ يمَازِحُكُم
فَأَرَاهُ بِمَا يُرْدِي يلْغُو

مَنْ كَانَ يحِبُّ صَحَابتَكُم
فَلِمَاءِ نَضَارَتِهِ يَمْحُو

وكذا من ظل يُناصحكم
في وادٍ قفر هو يمكو

وَيمُوْتُ بِعِلَّتِهِ حُرٌ
يفْضَحُ بَاطِلَكُمْ ، أَوْ يهْجُو

وَالنَّفْسُ لِذَلِكَ فِي قَلَقٍ
وَالقَلْبُ بِلَوْعَتِهِ يقْسُو

فِي يُمْنَى المَرْءِ تَجَارِبُهُ
أَمَّا اليسْرَى فَثَرىً تَحْثُو

بَينَ حَدِيدٍ وَجَلاوِذَةٍ
وَالمَرْءُ لِحُفْرَتِهِ يحْبُو

وَالعِنَبَةُ مَازَالَتْ تَطْفُو
وَالعَينُ الأُخْرَى لا تَغْفُو

هِي تَفْصِلُ فِي كُلِّ قَضَاءٍ
هِي سَيفٌ أَبَدًا لا يخْبُو

هِي فَوْقَ الكُلِّ مُسَلَّطَةٌ
هِي قَوْلٌ ، وَالحَادِي يتْلُو

هِي نَثْرٌ ، والنَّاسُ تُحَيي
هِي شِعْرٌ ، وَالسَّارِي يرْغُو

هِي سَوْطٌ وَالجَلاَّدُ مَعًا
هِي قُفْلٌ وَالحَارِسُ يدْحُو

هِي حَبْلٌ وَالقَصَّابُ مَعًا
هِي رُمْحٌ ، وَالقَاَضِي يبْلُو

وَالنَّاسُ تُرِيدُ لَهَا فَقْأً
لِيزُوْلَ مُصَابٌ ، أَوْ يجْلُو

أَوَتُفْقَأُ عَينٌ بِتَمَنٍّ؟
الأَمْرُ إِلَى الضَّحْكَةِ يدْعُو

أَوَتَفْقَأُ عَينًاً آمَالٌ؟
أَوَتَفْقَأهَا كَلِمَةُ (نَرْجُو)؟

يا عِنَبَ الوَهْمِ ، وَلا عِنَبٌ
عُنْقُوْدُكَ بِالبَلْوَى يزْهُو

لَمْلِمْ حَبَّاتِكَ ، وَاعْصِرْهَا
فِي لَيلِ الغَفْلَةِ لا تَغْلُو

يوْمًاً تَنْدَحِرُ دَغَاوِلكُمْ
وَكَذَا مَنْ لِخُطَاكُمْ يقْفُو

© 2024 - موقع الشعر