الانعتاق

لـ لطفي بن قاسم القالي، ، في روايات وقصص، 12، آخر تحديث

الانعتاق - لطفي بن قاسم القالي

هنا على جنبات البحيرة
غسلت قلبي منك
وطهرته من نجاستك
فأضحى طاهرا
كطهارة مذنب عاد من الحج
ولبست ثوب التوبة
فرحا به
كفرحة طفل بلباس العيد
هنا عند مسجد فاطمة
توضأت من إناء ماء لا أراك فيه
ووضعت رأسي على السجادة
وعقلي خالي من وساوسك
وصليت صلاة يغمرها الإيمان
الآن تحررت منك
كما يتحرر السجين من سجنه
كما يتحرر المسحور من سحره
كما يتحرر المريض من مرضه
هنا عند باب تاج محل
حطمت المحل
وأحرقت قصص الخيال
وأسطورة الحب المزيفة
وأقمت جنازة خرافية
لتوديع خرافة الحب
هنا في إسطنبول
نزعت السلطان
وتربعت على العرش
معلنا المحاكمة
حاكما بإعدام مشاعري
بتهمة الخيانة
والثقة الزائدة
واتباع الهوى بلا أي فائدة
هنا عند حافة النوم
أضع رأسي على الوسادة
وقلبي يرفف من السعادة
وتفكيري ينعم بالسلام
مرتاحا منك
مودعا كوابيسك
محررا أحلامي من تطفلك
هنا عند نهر الغانج
أغمر روحي بالماء
مطهرا نفسي منك
منظفا وجداني من أوساخك
متبعا دروب الأسطورة
دروب الغانج الخيالية
الموصلة إلى الجنة
جنة ليس فيها وجودك
ولا أنفاسك الخانقة
هنا عند مقبرة الأهرام
دفنت معي كل الذكريات
ما عدا ذكراك
تركتها خلفي
كلعنة تائهة
تبحث عن ضحية جاهلة
هنا في معبد إيروس
كفرت بالحب
وحطمت إيروس
ومحوت الأسطورة
وعوضت إيروس ب آريس
هنا في دهاليز الرواية
غيرت فصول الرواية
وكتبت فصلا جديدا
ليس فيه روميو
وأسقطت جولييت من الحكاية
وحولت وهم العشق إلى حقيقة
والحقيقة أن الحب كذبة رقيقة
يعيش في أحلامنا
ويموت في الحقيقة
هنا في قلب الحقيقة
عرفت الحقيقة
واستعدت نفسي القديمة
وعادت حياتي
وعادت شمسي
وعاد ظلي
الذي فقدته
منذ أحببت نفسا عنيدة
نفسا حبيسة سجنها
نفسا أضاعت عمرها
في انتظار وهمها
وهما أضاع عمرها
وأضاع عمري في سجنها
لكنني تحررت الآن
وتبت توبة نصوحة
لن أعود إلى سجنها
لن أشاركها وهمها
لن أغرق مجددا في لعنتها
© 2024 - موقع الشعر