المتاهة - لطفي بن قاسم القالي

يحلق النسر فوق رؤوس العباد
كاشفا عوراتهم
يرى مجانين الناس
تجري جري الوحوش
نحو مدفنها
والأمل ساقيهم كأس الوهم
وحب الدنيا ملبسهم لباس الذل
في بيت الخمر ذنوب تولد
وفي دين الله باب التوبة لا يسد
والنسر من فوق التربوسفير
يراقب الداخلين إلى المساجد
والداخلين إلى فوهة البركان
يراقب من تاب من بعد ذنب
ومن فسق من بعد صلاح
تمر الأيام في عيون النسر
كمرور سحب السماء
كأنها سراب الصحراء
ويمضي معها الإنسان
وكأن زمانه بلا زوال
وعندما يصير الجلد فوق العظم
يتفاجأ الإنسان
وتتلاشى آماله
وينقشع سراب أيامه
يقف الإنسان في آخر محطاته
حائرا في مآله
مفتشا في ذكرياته
عن صالح أعماله
مجهزا حقيبة سفره
واضعا في جوفها كل أوزاره
كاتبا خطاب وداعه
مترقبا رحيله
أو مترجيا زمنا إضافيا
ليكفر عن ذنوبه
أو ليزيد من صالح أعماله
والنسر يراقب خوفه
وموته
وطقوس جنازته
و رحلة روحه
يحلق النسر كعادته
فوق قبور الراحلين
لامحا آخر العبارات
المكتوبة بزخرفة الموتى
تقول العبارات المتشابهة بين قبور الراحلين
رحل فلان
رحلت معه أعماله
يوم الحساب سنسمع أخباره
يوم القيامة ستحدد أعماله مصيره
© 2024 - موقع الشعر