في رثاء جدّي "مات المعجم" - همام صادق عثمان

اليوم لا قلبٌ يدقُّ ولا فم...
سقطت معانينا ومات المعجمُ

اليوم يصمت كلُّ شيء حولنا
إلا العيون فبالبكا تتكلَّمُ

اليوم عزَّتني الجنان ولم أكن
أرضى عزاءً لو أتتني الأنجمُ

مثلي جميع الكائنات تغيّرتْ
من قال يمكن أننا نتأقلمُ

يا كم تعلَّمتُ الذي حاولته
إلّا التصبُّر عنك لا أتعلَّمُ

يا كم أحبّك لم أكن أدري بها
إلّا دموعًا لا يفارقها الدّمُ

أولى على الفرحين فيما قد مضى
من بعد بسمتك الندى أن يحجموا

من لي بصوتك في الأذان ولو به
شُدَّت وثائق أرجلي والمعصمُ

لم يدر طعم لقاك سمّاع القصيدة
لو بمجلسك السما لم ينعموا

إلا بما يمليه مسجدنا بأنّ
له مشاعر مثلنا تتألمُ

في موضع كتبوه باسمك بعدما
شهد التقيُّ بحبه والمجرمُ

لا لوم للباكي عليك فإنما
خُلق البكاء لأجلِّ موتك لا همُ

إن البكاء كما الدعاء كلاهما
كذوي المودّة كلهم يترحَّمُ

لأبي ذؤيبَ أقول لا جلدًا وإن
كانت شماتتهم بنا لا تحجمُ

فلأبكينَّ عليك ما لم يدنني
قبر لقبرك يا حبيبي يُسلم

ولأذكرنك حين يحتدم المدى
وتضيق أرحامٌ ويغلظُ رحَّمُ

يا جد تنشقُّ السماء وأرضنا
انفطرت وكم جبل يخرّ ويُهزم

يا جدُّ لو أن الملوك ومن لهم
قسموا بنصفك كلهم ما قوسموا

يا جد أنت حكاية لم تنتهي
وحكاية من للحكاية قد نُموا

© 2024 - موقع الشعر