قصة( أفكر كيف أحكم العالم) - أحمد بن محمد حنّان

قصة قصيرة
 
فيم تفكر أيها الجندي؟
 
"أفكر كيف أحكم العالم"
 
كلمات قالها ذلك الفلاح البسيط لرؤسائه من الجنرالات عندما كان جندياً يؤدي مناوبته الليلية بإحدى الحراسات في الحرب العالمية الأولى وهو في صفوف الجيش الألماني؛ ضحكوا منها كثيراً، ولكنها أبكتهم أكثر فيما بعد.
فهو لم يقلها جزافاً، بل قالها عندما وجد الطريق المؤدي لحروفها.
كان ذلك عند سافر أدولف هتلر من فينا إلى ألمانيا (ميونخ) سنة ١٩٠٨م وعمل ككاتب في إحدى صحفها السياسية بعد ثلاثة أعوام من وصوله إلى هناك.
 
لم يكن أدولف هتلر يكن العداء لليهود منذ البداية كما أوهمتنا بعض الصحف الخارجية ومقالتها التي كانت تسعى لتشويه سمعته بشدة وتليين قلوب البشرية على اليهود، بل كان مناصراً لهم ولقضاياهم حتى تعمق فيهم بشكل كبير وعلم كل أساليبهم القذرة في محاولاتهم للسيطرة على العالم بشكل عام وعلى ألمانيا بشكل خاص.
فشاهد حينها قوتهم الحقيقية والجبارة التي كانت تحرك كل شي من خلف الكواليس، فبدأو بعد أن وثقوا فيه وأحبوه بشكل كبير بدعمه مالياً ليكسبوا وده، ولكن ذلك لم يطل كثيراً فالحرب العالمية الأولى قد بدأت وتطوع هو ليخدم في الجيش الألماني بعد أن قدم التماسًا لملكه وافق فيه له بالإنضمام للجيش الألماني.
وبينما هو كذلك بدأ يسترجع كل الأحداث التي حصلت له في تلك الأعوام الأربعة التي مرت عليه في تلك الصحيفة مناهضاً لليهود ولأفكارهم، وتبين له قوتهم وخطرهم على العالم بأسره.
وفكر جدياً في طرق كثيرة لفضحهم، لكنه أدرك حينها بأنه سوف يقتل أو يسجن قبل أن ينجح في ذلك، فنفوذهم كان قوياً جداً آنذاك.
وعندما رأى كيف أنهم يحبونه بشكل قوي خطرت في باله فكرة ذكية جداً؛ لماذا لا أستغل نفوذهم وحبهم لي للوصول للرئاسة بشرط أن أقدم لهم وعوداً وعهوداً بدعمهم عند الوصول لها، وعندما أصل إليها وأحكم المانيا أنكث بعهدي لهم كما هي عادتهم في نكث العهود والوعود لأبدأ بعد ذلك بإبادتهم منها ومن جميع أنحاء العالم عندما أحكمه.
ومن هنا تحول أدولف هتلر الفلاح البسيط الذي كان أكبر طموحه هو أن يكون فناناً إلى رجل سياسة مهيمن يحب السلطة والنفوذ ويطمع بالرئاسة وحكم العالم.
فلم ينتظر حتى تنتهي الحرب ليبدأ خطته، بل إنه شرع فيها وهي قائمة، فكان يكتب المقالات التي تدعم اليهود ويرسلها إلى صحيفته فتقوم هي بدورها وتنشرها.
وعندما انتهت الحرب العالمية الأولى ١٩١٨م توغل فيهم بكل مالديه من ذكاء، فعرض عليهم تأسيس حزبه النازي وأوهمهم بأنه سيكون في خدمة معتقداتهم، ففرحوا بذلك وأيدوه بكل مالديهم من نفوذ .
وعندما اعتُمد ذلك الحزب وتولى رئاسته بعد عامين من نهاية الحرب بدأ بتنفيذ وعوده لهم، ولكن دولته اتهمته بالخيانة العظمى بعد أن اكتشفت ميوله لليهود، وحكم عليه آنذاك بالسجن لمدة خمس سنوات.
فاستخدموا حينها اليهود أساليبهم القذرة لتقليص مدة الحكم عليه ونجحوا في ذلك فلم يسجن إلا عاماً واحداً فقط.
وخرج حينها من السجن وبطريقة ما رجع إلى حزبه وواصل طريقه نحو الرئاسة.
وكان خلال ذلك الطريق الكثير من المنغصات لأن جميع من فِي الدولة يعرفون بعلاقته باليهود، ولكنهم للأسف الشديد لم يعرفوا بماذا كان يخطط أدولف هتلر حينها؛ وكان من أهم تلك المنغصات عدم حصوله على الجنسية الألمانية، فهذا كان كافياً لعدم دخوله رسميا في كمرشح رئيسي في دائرة الإنتخابات؛ وحتى بعد أن حصل عليها كان يتم اسقاطه عنية مع إن دعمه ونفوذه من اليهود كانا كبيرين جداً
وبعد عدة محاولات له حصل على المركز الثاني عام ١٩٣٢م في الإنتخابات ليتم بعدها بعام تصفية نظيره الأول عن طريق قتلة مستأجرين ليعلن ردولف هتلر حزبه المهيمن ونفسه الرئيس الأول للبلاد.
فبدأ بعد ذلك بتنفيذ خطته الأساسية في إبادة اليهود وخطرهم بحرقهم وحكم العالم.
ولكن رغم كل ذلك إلا أن خطته لم تكتمل، وقد يكون السبب في ذلك استعجاله فيها أو مزاجيته المتعكرة أو همجيته في الابادة.
أعتقد بأنه لو اكتفى بقتلهم بدون حرق لبوركت مسيرته وخطته في حكم العالم.
"ولكن دعونا من أسباب فشل خطته ولننظر كيف استغل أوراقه الضعيفة التي كانت في يده عندما كان جنديا وصحفياً بسيطاً لايملك حتى الجنسية الألمانية ليصل إلى ماكان يحلم به كبار القوم في كل مكان في العالم".
 
3/11/2021
© 2024 - موقع الشعر