أنا بغداد - شريفة السيد

أنا بغداد يا أعرابُ
فانتبهوا ... لآياتي

تسلَّقتُ السماء الآنَ
ثمَّ رفعتُ راياتي

وأشعلتُ الجليد لكيْ
أحطِّمَ فيه غاياتي

وعند العودةِ البلهاء
كنتُ كسرتُ ناياتي

أنا بغداد ، فانتظروا
فيوضًا من كراماتي

أنا بغداد
أنا وطنٌ أبَى إلا

إلى الطوفان يُلقِى بي
مشيتُ إليه راضية ً

بدعواهم لتَعذيبي
وعند غيابِ شمس الحق

قالوا : مثلها غيبي
كأنَّ عناق أبنائي

يقابلني بتأديبي
أنا بغداد

سأنجو من أظافرهمْ
إذا هَمُّوا بتقبيلي

وأضحكُ حين تفضحهمْ
مرايايا، قناديلي

سأقفزُ مثل معجزة ٍ
تروِّعهُمْ تآويلي

فأطعمُهُمْ لمجمرتي
وأطلِعُهُمْ على نيلي

أنا بغداد
أنا ترنيمة ُ الفنان

والترتيب والفوضَى
أنا تسبيحة ُالصلواتِ

سيفُ جرابيَ الأمضَى
أشقُ صدورَ مَنْ سرقوا

شموس الحب والوَمضا
أحذِّرُ من صهيلي حينَ

يملأ هذه الأرضا
أنا بغداد

سأمضي كُلَّما بعثوا
بغانيةٍ إلى التاريخ ْ

سيصرخُ حبر أقلامي
ولنْ يتوقفَ التوبيخ ْ

وأكتبُ : لن يضلِّلني
صعودهمُ إلى المريخ ْ

فغاية ُ منطق الجبناء
أنْ نبقى بلا تأريخ ْ

أنا بغداد
تُراني حين أخرج من

عباءته سيتركني
وهلْ في زحمة الأجساد

في الدنيا سيدركني..؟
لقد ظل الأسى الفرحان

في المأساة يشركني
وحين ظننتُ إفلاتي

مضى جنبي يباركني
أنا بغداد

سأجمعُ كلَّ أسراري
إلى صندوقِيَ الخَشبِيّ

وأقذفهُ لنهر النيل
يدفعهُ الفراتُ إليّ

تسيرُ حضاراتي قُدُمًا
رصيدًا من شذىً بَرِّي

أزفُّ نهاية ً عطشى
على قلبٍ بوجه نبي

أنا بغداد
سأمضي ليس يمنعني

عذابٌ ما له آخِر ْ
ولو ضاقتْ بيَ الدنيا

سأسلكُ دَربَها السَّاخر ْ
أ َرُدُّ عقوق بُرْدَتها

وأستُرُ عُريَها الماكر ْ
أمُدُّ يديَّ في قلبي

أُضمِّدُ جُرحِىَ الغائر ْ
أنا بغداد فانتظروا

مع الوقت انتصاراتي
أبريل 2003

------------------
شعر شريفة السيد / مصر

من ديوان ( ملامح أخرى لامرأة عنيدة)
طبعة هيئة الكتاب/ القاهرة 2004 سلسلة الشعر المصري المعاصر

مع أجمل وأرق الأمنيات
شريفة

© 2024 - موقع الشعر