بصيص أمل

لـ حسن نصر الجميعي، ، في الرثاء، 41، آخر تحديث

بصيص أمل - حسن نصر الجميعي

مَنْ يَضْمُدِ الجِرَاحُ وهِي عَمِيقَةٌ
فَلَا طَبِيْبٍ وَلَا دَوَاءٍ يَنْفَعُ

افْتَرَسَتْ الجِرَاحُ أَعْضَاءَ الجَسَدِ جَمِيْعَهُ
كَحِمَىٰ وَطِيْسِ الحَرْبِ حَيْنَ يَتَوَرَّعُ

فَلَمْ يَبْقَىٰ مِنَ الجَسَدِ إِلَّا العَظْمِ فِي هِشَاشَتِهِ
والرُّوُحُ حَيْرَانَةٌ والعَيْنِ تٌدْمَعُ

لَعَمْرُكَ مَا بِالجَسَدِ الهَزِيْلِ مِنْ قُوَّةٍ
تَهَافَتَتْ عَلَيَّ الأَحْجَارُ وَكُلِّ عُضْوٍ يُنْزَعُ

فَصِرْتُ جِلْدًا وَعَظْمًا وَرُوُحٍ حَزِيْنَةٍ
أَنْظُرُ مَلَكِ المَوْتِ وَهُو بِالبَابِ يَقْرَعُ

وَمَا بالعُمْرِ مِنْ بَقِيَّةٍ للحَيَاةِ وهِي تَعِيْسَةٌ
فَمَا طَابَتْ للنَّفْسِ يَالَيْتَ الصِّبَا يَرْجِعُ

لَحُبُّكَ للدُّنْيا كَمِثْلِ سَحَابَةٍ عَنْكَ غَائِبَةٌ
إِذَامَا قُوُرِنَتْ بِدُعَاءِ الوَالِدَيْنَ فَهُو يَشْفَعُ

فَمَا غِبْتُ عَنْهُمَا إِلّا وَجَدْتُّ ظُلْمَاءُ دَامِسَةٌ
وَمَا اِبْتُ إِلَيْهِمٌا إِلَّا وَجَدْتُّ نُوُرًا أَصْمُعُ

بِوُجُوُدِكَ مَعَهُمَا فِي الحَياةِ فَهِي جَمِيْلَةٌ
تُدَاعِبُبَكَ الأَحْلَامُ للعَلْيَاءِ تُرْفَعُ

غَابَتِ الشَّمْسُ وأَسْدَلِ الليْلِ السَّتَائِرُ
وَاقْمَارُنَا خُسِفَتْ فَمِنْ أَيْنَ النُّوُرُ يَسْطَعُ

ذَهَبَتْ حَمَائِمُنَا وَخَلَّفَتِ الأغْصَانَ ذَابِلَةٍ
وَهِي تَحْوِي دَخِلَهَا عَصَافِيرًا بِأَعْشَاشِهَا تَقْبَعُ

عَلَىٰ كَبِدِي مِنْ فِرَاقِ الوَالِدَيْنِ قَرْحَةٌ
كَسَمَةٍ فَوْقَ الرَّمَضَاءِ وَالقَلْبِ مُفْجَعُ

فَيا لَيْتَ أَيَّامُ الصِّبَا تَغْدُو حَدِيْثَةٌ
كَبِزُوُغِ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ يَلْمَعُ

فَيُضِيءُ مَا حَوْلَهُ مِنْ نُجُوُمٍ تَبْدُوُ ضَعِيفَةٌ
بَتَوَهُّجِهِ يَتَّحِدِ النُّوُرُ وَكَلُّ ظَلَامٍ يُقْشَعُ

فَلَا أَشْكُو البَلاءَ الَّذِي بُلِيْتُ لِأَحَدٍ
وَمَا الجَدْوَىٰ مِنََ الشَّكْوَىٰ لِمَنْ لَا يَسْمَعُ

فَلَا النَّاسُ تَكْشِفُ غَمَّتِي وَالوَجْدُ قَدْ سَكَنَ الجوىٰ
للهِ أشْكُو عِلِّتِي والقٌلْبُ يَدْعُو يَفْزَعُ

صَلِّ وَسَلِّمْ يَا إِلهِي مُشَرِّفًا ومُبَارِكًا
عَلَىٰ المُصْطَفَىٰ مَنْ لِلخَلَائِقِ يَشْفَعُ

وارْحَمْ بِعَفَوِكَ وَالدَيَّ وارْضِهِمْ
بِجَنَّاتٍ عَدْنٍ نَسْتَقِرُّ وَنْرْتعُ

© 2024 - موقع الشعر