لَــوْ أنّ

لـ سمير رافع، ، بواسطة سمير رافع، في غير مُحدد

لَــوْ أنّ - سمير رافع

لَوْ أنّ
 
لو أنّ الحِكْمَةَ مِلْكُ أبي
لملأْتُ برائحةِ النّرجِسِ
أكواخَ البُسطاء..
ودَمَجْتُ السّوسَنَ
في وجناتِ الأطفالِ
وفي كُتُبِ القّراءْ...
ولنِمْتُ إذن
مرتاحَ البالِ قريرَ العينِ
نِيامَ الأمراءْ..
لو أنّ الحِكْمةَ مُلْكُ أبي
لأغثْتُ كِبارَ السّنِّ المنفييّنَ
إلى العَتماتِ
وطرَّزْتُ لهم بالضوءِ
تُخومَ العُمْرِ الخاسرِ
بين مغاليقِ الشّرقِ المُرَّةِ
والأكفانِ
وطيَّرْتُ سنونو الأُمَّةِ
فوق بيوت الأيتام
وأصحاب العاهاتِ
وزِدْتُ لهم كيلي
من تَمْرِ الودِّ
ولوّحْتُ لخيلِ رجولتهم
بمناديلي البيضاءْ...
لو أنّ الحكمةَ ملكُ أبي
كَدَّسْتُ القمحَ لصرعى الجُوعِ
وأطفأْتُ بِرِيْق الغيماتِ، العطشى
ورجَمْتُ بقيظِ الشمس
لصوصَ اللّقْمةِ
والأنذالَ المُحْتشدين طوابيرَ
لِصَلْبِ الماءْ...
لو أنّ الحكمة ملك أبي
أشعلْتُ حريقاً في الزّنزانةِ
فَلَّيْتُ القضبانَ
وما نَسَبي
لسوى السجناءْ..
لو أنّ الحكمةَ
لاسْتَثْنَيْتُ الرقباتِ المهزولةَ
من ثاراتي
واخترْتُ ملاذاً أكثَرَ أمْناً
للأمواتِ المفجوعين
واسرجتُ خيولَ الضّعفاءْ....
لو أن الحكمة ملك أبي
لأذبّتُ بحمضِ الكبريتِ
قيودَ المقهورين
وأيْقَظْتُ لطلاّبِ الحرّيَّةِ
اشجارَ الليمونَ
وعلّقْتُ حَمَائِلَ عُرْسٍ
في أعناقِ الفقراءْ...
لو أن الحكمة..
لَتَقَحَّمْتُ كجنديٍّ
لإضاءَةِ شمعةِ عِشقٍ
بين اثنينِ
وأوحيْتُ لقلبي بمرايا
لائقةٍ بوجوهِ النّاسِ
وسرَّحْتُ فَراشَ الوجد
لِيَنْشى الحُبُّ
ويفتَحَ للأيدي الممتدَّةِ للدنيا
أبوابَ دعاءْ....
لو أنّ الحكمة ملك أبي
لَنَحَتُّ لطِيْبِ مُحِبّينا
مرقىً من بلَّور الوقتِ
وأوقدْتُ لهم مَسْرىً أبديّاً
من حزم النُّوْرِ
يَمَسُّ فؤادَ الأشياءْ...
لو أن الحكمة ملك أبي
نَطَقَتْ بين يَدَيَّ
مذيعَةُ أخبارٍ خَرْساءْ....
 
 
© 2024 - موقع الشعر