الهروب إلى الموت - لطفي القسمي

سألني والدمع في مقلتيه
ما الذي يدفعني للهجرة
ما الذي يجبرني
على ركوب الموج
ما الذي يجعلني
أواجه الموت
ما الذي يجعلني
أهجر أحبابي
ما الذي يجعلني
أودع بدموع اليأس أمي
غير ضياع رزقي ببلادي
بلادي أنجبتني ونستني
لا عمل فيها
يشفي الغليل
ولا كرامة فيها
تحفظ ماء الوجه
ولدنا في الفقر
والخيرات من حولنا
كبرنا في ضيق
والخيرات ما زالت حولنا
لكنها ليست في ملكنا
بل في ملك الأسياد
ومن هم الأسياد؟
ليسوا هم من حرروا الوطن
من شر الاستعمار
ولا دفعوا قطرة دم واحدة
في سبيل تحريره
ولا أغتصبت جداتهم
على يد الفرنجة السفهاء
ولا قطعت رؤوس أجدادهم
بيد الإسبان الجبناء
هم كانوا مع الوحش
واستضافوهم وساعدوه
وأجدادنا طردوا الوحش
ونسوا أن يطردوا خدامه
ها نحن اليوم
ندفع ثمن خطأ الأجداد
بحر ومحيط يحيط بنا
وسمكه يباع بثمن الياقوت
إنه سمكهم لا سمكنا
إنها فلاحتهم
لا فلاحتنا
إنها حقولهم
لا حقولنا
إنها معادنهم
لا معادننا
إننا يا صديقي
ما زلنا مستعمرين
لم نتحرر من الاستعمار
ولكن أحفاده الماكرين
أقنعونا بالعكس
لكي يحكمونا
بدون مقاومة
لكي يستغلونا
بدون مظاهرة
لكي يطردونا
بدون محاكمة
صديقي الفقر
ليس جريمة
لكن التفقير جريمة
الجهل ليس جريمة
لكن التجهيل جريمة
الخوف ليس جريمة
لكن التخويف جريمة
صديقي أفلت يدي
دعني أركب البحر
هروبا من الذل
وسلاسل القهر
ليس الموت ما أخشاه
لكن الذل وسط أهلي
هو ما أخشاه
صديقي الموت بكرامة
بين الاسماك فضيلة
والموت بأرض الذل إهانة
الأسياد ملكوا كل شيء
وما بقي لنا سوى الحجارة
وإذا أردنا أن نعيش
يجب أن نخدم الأسياد
ونرضى بالبقشيش
يا صديقي دعني أنتقل
من أرض الشفارة
إلى أرض الحضارة
© 2024 - موقع الشعر