جنون المها

لـ حياة محمود، ، في روايات وقصص، 98، آخر تحديث

جنون المها - حياة محمود

"أرجوكِ لا تأتي هنا مارِيَّا"
يقولها القاضي رِضا دوماً لها

"مُتْ ظالماً يا أيها القاضي رِضا"
فالعدل ميزانٌ لأصحاب النهى

مُت ظالماً مُت ظالماً مُتْ ظالماً
بحرقةٍ لا تكتفي من قولها

ما خَطبُ مارِيَّا وقاضينا رِضا ؟ !
تأتي مِراراً رُغم طردهِ لها

مها جرى تُريدُ نقض حُكمهِ
مهما جرى تُريد إنقاذ المها

مَن المها ؟ هيَ ابنةً القاضي رضا
ما ذنبها؟ القتل عمداً ذنبها

مَنْ قتلتْ ؟ شقيقها نور الهُدى
ما حُكمُها ؟ الموتُ شنقاًحكمها

ما سِرُّ قتلها له؟ جنونها
ما أدركت ما علمت بفعلها

لا يُعدمُ المجنون في قانونا ؟!
بلى بلى أصدرهُ في حقّها

بقولهِ قد كان عمداً جُرمُها
إنّي أبوها و على علمٍ بها

ليس الجنون حجةً تنجو بها
قاتلةٌ ما مِنْ دليلٍ معها

ما خَطبُ ماريّا إذاً ؟نصيبُها
نصيبُها القاضي رضا زوجٌ لها

نصيبُها الآلامُ تدمي قلبَها
أيامُها سوداءُ حدَ المنتهى

وبعدها ماذا إذن يا هل تُرى؟
هل كان شِعرً قَصصياً و انتهى ؟

بل كان نثراً مؤلماً في سردهِ
وصار شعراً حين ماتت المها

قدْ أعدمت وصار قهراً موتُها
والآن مارِيّا بلا أولادها

جُنت من الحزنِ فلا قول لها
إلا المها واحر قلبي يا مها

واحسرتي واحرقلبي يا مها
يا حسرتي قدْ مات قلب وانتهى

في حضنها وسادةٌ صغيرةٌ
تشتمُها،بقوةٍ تضمُها

تُطعمُها ،تمشي بها،تحكي لها
من حُزنها نورَ الهدى تظنها

ما كان عمداً يا صغيري فعلُها
نمْ لا تَخفْ حتماً تُحبك المها

ومن هنا إلى هنا تمضي بها
تبكي لها بدمعها تُغرِقُها

أما رضا كأن شيئاً لم يَكنْ
ماذا جرى ؟ قد صار زوجاً لسهى

و مَن سُهى؟ضحيةُ جديدةُ
بريئةٌ و في ربيع عمرها

قالوا لها لا تفزعي من عمرهِ
ذو منصبٍ وفرصةُ العمرِ لها

قالوا لها نصيبُكِ القاضي رِضا
و أقنعوها أنَّه أحلامَها

وزينوا في قلبها صورتهُ
حتى غدا من قولهم سُلطانُها

فهو الذي إذا قضى ما ظلمَ
و هو الذي بعطفهِ يغمرها

والآن يا مَنْ قد تَقوَّلتم لها
ردوا عليها قلبَها و حلمَها

بالذلِّ و التعنيف تقضي يومها
مسكينةٌ ردوا عليها عمرها

في عصرِنا كم بيننا من مثلِها ؟
باللهِ كم مثلُ مارِيَا و المها

© 2024 - موقع الشعر