حِبالُ الموت

لـ حسن الجزائري، ، في الرثاء، 6، آخر تحديث

حِبالُ الموت - حسن الجزائري

شُدَّ الرِّحالَ فَما لِعُمرِكَ مَورِدُ
فغداً تُسافِرُ والمُسافِرُ يَنشُدُ

إنَّ الحَياةَ وإنْ تعاظَمَ رِزؤها
فاللهُ يَبْقى والخَلائِقُ تَنْفَدُ

أَولَمْ تَرى أنَّ المَنيَّةَ بَغْتَةٌ
لا ساعَةٌ تَدنو وَلا تَتَبَعَّدُ

هذي حِبالُ المَوتِ تَسْمَعُ قولها
قَدْ جاءَك المَوتُ القَريبُ الأوعَدُ

الحَتْفُ يأتي والقُلوبُ خَوافِقٌ
أَينَ المَفَرُّ وأَينَ مِنْهُ المُنْجِدُ

أَغْرَتْ بِكَ الدُّنيا لِحُسْنِ جَميلِها
إِنَّ الجَّميلَ كما القَبيح لَأسْوَدُ

أمّارَةٌ بالسُّوءِ تُؤمِنُ غَدْرَها؟
فَالغَدْرُ في أَصلابِها يَتَجَدَّدُ

هذي السَّعيرُ مِنَ الأنامِ وقودُها
فيها البغيُّ ولا سَبيلَ فَتُخْمَدُ

بِئْسَ المَصيرُ عَذابَ قَبْرٍ بَعْدَها
تُسْقى بِماءِ المُهْلِ أَنْتَ وَتُجْلَدُ

مَرَّتْ على الأجداثِ كلُّ قَرابتي
والخِلُّ يبكي والأحبَّةُ أَنْشَدوا

حينَ انْتَهوا داروا إِليَّ ظُهورَهُمْ
وَتَفَرَّقوا وَعَلِمْتُ أَنّي مُفْرَدُ

لَيْتَ الزَّمانَ يَعودُ يَوماً واحِداً
لِأُكفِّرَ الذَّنْبَ العَظيمَ وأَسْجُدُ

للهِ في لِيْلٍ يُشابِهُ لَيْلَتي
تِلْكَ الَّتي فيها بِقَبْريَ أَرْقُدُ

إنْ كُنْتَ لِلأموالِ تُجْهِدُ جَمْعَها
انْظُرْ فَقَدْ وُرِثَتْ وَأَنْتَ مُجَرَّدُ

اِعْمَلْ لِيَومِكَ لا حِسابَ لإمرئٍ
فَغَداً بِقَبْرِكَ مُذْ أَراكَ تُمَدَّدُ

يأتيكَ مَلْكٌ في الحِسابِ مُسائِلاً
والأهلُ والأصحابُ عَنْكَ تَبَدَدُ

أمّا إذا لِلْحَقِّ لَمْ تَكُ صادِقَاً
يَومَ الحِسابِ هُناكَ جِسْمُكَ يَشهَدُ

حَقَّاً بَدا لِلْمَوتِ مَوعِظَةٌ لَنا
فَبِهِ السَّعيرَ أو الجِّنانَ نُخَلَّدُ

اُمْرُرْ على نَهْجِ الصِّراطِ بِصرْخَةٍ
إِنّي لِآلِ البيتِ باقٍ أَنْشُدُ

حِبالُ الموت | الشاعر المهندس #حسن_الجزائري
© 2024 - موقع الشعر