إِنّا هُنَا بَاقُون - ثائر بلال محمود

أنتم ...
يا أيُّهَا الجاثونَ فوقَ تُرابِنَا
ما بَالُكُم ؟!
هل تَحسَبونَ بأنَّنا يوماً سنتركُ أرضَنا ؟؟
ما بَالُكُم ؟!
إنَّا هُنا بَاقونَ رُغم أُنوفكم
فلتفهموا ... فلتفهموا ...
ولترحلوا عن قُدسنا
ولترحلوا عن بَيتِنا
ولترحلوا عن أَرضِنا
ولترحلوا عن قَمحِنا
ولترحلوا عن جُرحِنا
إِنَّا هُنا باقونَ مِثلَ التّينِ والزّيتونِ
أَرجُلُنا رَسَتْ في الأَرضِ مُنذُ النّشأةِ الأُولى
فَهذِي الأَرضُ تَعرِفُنا وتَألَفُنا
تُميِّزُنا كما الأُمِّ الّتِي فَقَدت رَضِيعَتَها
وتَحضُنُنَا إِذا عُدنا مِنَ المنفى
وتَحمِينا وتَحرُسُنا
فَهذِي الأَرضُ تَعشَقُنا وتَكرَهُكُم
فَكُفُّوا عَن جَرائِمِكُم
وكُفُّوا عَن مَذَابِحِكُم
وكُفُّوا عَن مَجازِرِكُم
وكُفُّوا عَن مَزاعِمِكُم
لَقَد ضِقنا بِكُم ذَرعَا
ظَنَنْتُم أَنَّنَا يَومَاً ...
سَنَركَعُ خَلفَ سَطوَتِكُم
وأنَّا سَوفَ نَعبُدُكُم
ومِنكُم نَطلُبُ العَفوَ
ومَنكُم نَطلُبُ الصَّفحَ
ومِنكُم نَطلُبُ الغُفرانَ عَن أفعالِكُم فينا
ونَأسَفُ أنَّنَا دَوماً
بِسَفكِ دِمائِنَا إنّا
نُسَهِّرُكُم ونُتعِبُكُم ونُرهِقُكُم
ما بالُكُم ؟؟ ... ما بالُكُم ؟؟
حِينَ الصَّباحِ تُقَبِّلونَ صِغَارَكُم
وتُداعِبُوهُم بالأَنامِلِ كَي يُحِسُّوا بالأمانِ
وتَقتُلُونَ صِغَارَنَا ... !!!
هَل يَمَسُّ شُعورَكُم مَرأى لِأَطفَالٍ تَفَجَّرَ حُلْمُهُم؟
أَم أَنَّكُم لا تَشعُرونَ كَمَا البشر ؟؟!!
بالله ... ما أنتم؟
أَحِجَارَةٌ أنتم؟
حَتَّى الحِجَارَةُ تَذرِفُ الدَّمعَاتِ
حِينَ تَرَى الشَّهِيدَ وقد تَمَزَّقَ جِسمُهُ
حَتَّى الحِجَارَةُ تَبكِي وتَصرُخُ
حِينَ تَلمَحُ طِفلَةً لَم تَبلُغِ العَامَينِ
صَادَتهَا قَذِيفَةُ حِقدِكُم
حَتَّى الحِجَارَةُ أَيقَنَتْ
أَنَّا أَحَقُّ بِأَرضِنَا مِنكُم ومِن أَمثَالِكُم
حَتَّى الحِجَارَةُ قَاتَلَت فِي صَفِّنَا
فِي وَجهِ دَبَّابَاتِكُم
ما بالكم ؟؟ ... ما بالكم ؟؟
لا تَحسَبُوا أَنَّا نَمُوتُ إِذَا قُتِلنَا
لا تَحسَبُوا أَنَّا نَهُونُ إِذَا أُسِرنَا
لا تَحسَبُوا أَنَّا نَخَافُ إِذَا جُرِحنَا
لا تَحسَبُوا أَبَدَاً بأَنَّا رَاحَلُونْ
إِنَّا هُنَا بَاقُونَ
هَيَّا ...
فارحَلُوا عَن أَرضِنَا
فالأرضُ هذي أَرضُنَا
لَيسَت لَكُم
لَيسَت لَكُم
لَيسَت لَكُم
 
 
 
(ثائر محمود)
© 2024 - موقع الشعر