جَحِيمُ المَوْجِ

لـ أشرف السيد الصباغ، ، في العتب والفراق، 233، آخر تحديث

جَحِيمُ المَوْجِ - أشرف السيد الصباغ

نَسِيمَ الرِّيحِ رِفْقًا يَا نَسِيمُ
فَبَعْضُ الْمَوْجِ فِي خُبْثٍ يَهِيمُ

وَيَخْفِقُ قَلْبُهُ بَوْحًا بِشَوْقٍ
وَشَوْكُ الشَّوْقِ تَرْوِيهِ السُّمُومُ

فَهَاجَ الموْجُ كَالْبُرْكَانِ يَغْلِي
وَفِي أَنْفَاسِهِ حِمَمٌ تَحُومُ

إِذَا مَا نَالَتِ الْأَهْوَالُ مِنِّي
سَيَلْطِمُ خَدَّهَا مَوْجٌ عَظِيمٌ

فَقَالَ الشَّاطِئُ الْحَيْرَانُ مَهْلًا
فَكُثْبَانِي بِلَا ذَنْبٍ تَعُومُ

وَكَمْ نَادَيْتُ يَا أَمْوَاجُ رِفْقًا
فَعَادَ الصَّوْتُ مَكْلُومًا يَلُومُ

وَيَعْلُو الْمَوْجُ فَوْقَ الْفَوْجِ قَهْرًا
إِذَا لَاحَ الْفَلَاحُ أَنَا قَسِيمُ

فَصَاحَ الْهَوْلُ ضَاقَ الْكَوْنُ ذَرْعًا
رَعَاعُ الْقَوْمِ أَدْنَاهُمْ زَعِيمُ

فَقَالَ الْمَوْجُ أَحْمِلُكُمْ بِكَفِّي
وَظَهْرِي مِنْ مَآسِيكُمْ سَقِيمُ

فَرَدَّ الْفَوْجُ بِئْسَ الْمَوْجُ يَجْرِي
لِيُغْرِقَ حُلْمَنَا حِقْدٌ أَثِيمُ

وَرَاحَ الْقَاعُ بِالْأَوْجَاعِ يَحْكِي
حِكَايَاتٍ عَنِ الْغَرْقَى تَدُومُ

إِذَا مَا هَبَّ إِعْصَارٌ تُلَبِّي
فَقَالَ الْمَوْجُ لَا يَنْجُو اللَّئِيمُ

فَقَالَ الْقَاعُ مَا ذَنْبُ الضَّحَايَا ؟
فَرَدَّ الْمَوْجُ يَبْكِيهِمْ يَتِيمُ

وَضَوْءُ الشَّمْسِ فَوْقَ الْيَمِّ يَزْهُو
وَفِي أَحْشَائِهِ لَيْلٌ بَهِيمُ

فَبَاتَ الْحُلْمُ فِي أَحْضَانِ ظُلْمٍ
وَنَارُ الشَّرّ يَضْرِمُهَا الْخُصُومُ

وَيَبْكِي الْخَوْفُ مِنْ كَأْسِ الْمَنَايَا
وَبَيْنَ عُيُونِهِ أَمَلٌ يَغِيمُ

تُغَطِّي الْيَمَّ أَرْوَاحُ الشُّجُونِ
وَصَارَتْ طُعْمَهُ تِلْكَ الْهُمُومُ

فَمَا أَدْنَى الْحَقَيقَةَ مِنْ خَيَالٍ !
إِذَا لَاحَتْ يَحَارُ لَهَا الْحَلِيمُ

وَيَخْدَعُنِي سَرَابُ الْمَوْجِ حِينًا
فَلَا أَدْرِي نَسِيمٌ أَمْ جَحِيمُ ؟

فَصَبْرًا إِنْ أَتَاكَ الْمَوْجُ يَوْمًا
فَلَا لَهَبٌ يَدُومُ وَلَا نَعِيمُ

شعر / أشرف السيد الصباغ

مناسبة القصيدة

تَجْرِبَةٌ شِعْرِيَّةٌ، تَحْوِي فِي طَيَّاتِهَا رُمُوزًا دِلَالِيَّةً، تَنْطِقُ بِأَحْدَاثٍ حَيَاتِيَّةٍ، وَمَوَاقِفَ وَاقِعِيَّةٍ. أَوْجَعَتْ بِمَا جَمَعَتْ، وَشَقَّتْ لَمَّا شَنَّتْ، وَقَدَّتْ حِينَمَا اعْتَدَتْ. دِلَالَاتُهَا مُؤْلِمَةٌ، وَإِشَارَاتُهَا مُكْلِمَةٌ، تَمُورُ بِهَا الْمَشَاعِرُ مَوْرًا. إِنَّهُ جَحِيمُ الْمَوْجِ. ( بحر الوافر )
© 2024 - موقع الشعر