لحية الصبح - حسن شرف المرتضى

الأغاني وأنتَ والكلّ جئنا
كي نغنّي ودونَ شيءٍ رجعنا

ثمّ عُدْنا وفي الحناجرِ صوتٌ
لا يغنّي لذا بحزنٍ بَكَينا

فالدّموعُ الشّموعُ والنّاي مبكى
والأغاني مِنَ الدموعِ أتتنا

لا يزالُ ابتهاجنا بالمآسي
وخلعنا الغيوبَ ثمّ لبسنا

أشترانا بلحنهِ سوفَ آتي؟
فانجذبنا لهُ وفي الفورِ بِعْنا

ويعيدُ الموّالَ قطعاً سآتي
عندما تمطرُ السّمواتُ بنّا

كانَ أذكى وللغباواتِ طعمٌ
لا يسمّى وفي المسافاتِ تُهنا

ومَشَينا وفي القلوبِ ارتحالٌ
نحوَ نفسِ المكانِ في حيثِ كنّا

الأغاني والغيثُ كالأمسِ جاثٍ
لاعقاً برزخَ التّلاحينِ حُزنا

يعجنُ الشّدو بالتّوجعِ خبزاً
غيرَ أنّا سوى انتظارِ أكلنا

يشعلُ الماءَ في ثيابِ رمادٍ
ظلّهُ النّارُ بالثّلوجِ احتطبنا

يثقبُ الّليلِ في عيونِ المرايا
فاستفاقَ الصباحُ وهماً مُسنّا

لحيةُ الصّبح شابَ فيها المغني
وهو يهذي ولا أمانيهِ تفنى

المغنّي تذوبُ فيه الأغاني
والمغني يذوبُ في الوزنِ لحنا

والمغنّى لأجلهِ ما تماهى
فيهما أو منْ المزيجِ سيُجنى

نافخُ الكيرِ مَنْ يُغنّي بريحٍ
تشعلُ العطرَ حتى قد ذابَ معنى

وجهةُ الغيبِ نحو فخذيهِ تُومي
ما وعاها ونحوَ شدْقيهِ جئنا

ينزفُ اللّغو كالمعاني ونعيا
منْ يُغنّي أكانَ بالشّدو أزنى

يرفثُ الآنَ بالحديدِ احتلاماً
ويزفّ العروسَ للخصيّ منّا

باتّجاهي وكانَ فيهم إزائي
خائفٌ كلّنا أنمشيهِ أمْنا

مرّ بي وامتطى جَوَادي وظلّي
ثمّ ماذا يصوغُ ظلّّي ..عَدْنا

ويغنّي بما تآكلَ منّي
وأجابوا مِنَ البقايا اكتملْنا

يرتقي لي ويتّقي لَمّ كُلّي
فاشلٌ أنْ يصوغُ ظلّي سجنا

ربّما الظلّ فيهِ مرآةَ ظلّ
عندما أصبحَ التّيقنُ ظنّا

يا صديقي إذا اللّحونُ تساوتْ
صحّ في النّعي ما به قد طربنا

يا صديقي مدينةُ النّاي تاهتْ
كالمغني يتيهُ فيمن تغنّى

© 2024 - موقع الشعر