قصيدة سوبرانو العشق من ديوان مشكاة الغشق - برادة البشير عبدالرحمان

استهلال
 
اللعنة ... وهم ... شبح لا تعمل لوحدها ... لا تعمل دون "ساحرات"...
لا وجود للعنة ... دون وجود مؤمن بالشؤم... بالتطير...
الإيمان باللعنة رَحِمُ الوسواس ... منبع الهوس وصانع النحس…
في تربة الاعتقاد باللعنة يخصب الدُّوار ... حيث جاذبية اللعنة تضخم التوجس ... وتحتضن الملل ثم الذُّهان …
هكذا رسم "غويا " وفي أحضان تلك المشاعر تنفس "سيزَانْ" وسَبحَ سلفادور وأفرز "رامبو" هذيانه…
دون هاتيك الأوهام... ما كان لزهور بودلير أن تتفتح ... دون أن تنفثَ "أريجها" العَطِنْ في أنوف الإحباط ...واليأس... والبرك النثنة…
حين يتمكن الهرج من موسيقار ك "روسيني"... حين تسكن اللعنة روح موسيقار ك "فردي" ... يصبح التناقض مألوفا... والجريمة عادة ... والإسقاط سُنَّة ... حيث ينعطف الإيقاع واللحن والتناغم 360 درجة. بعد البهجة... والمتعة... يصبح جسرا "للانطواء" تجري من تحته أنهار الألم...فمن يفقد ابنيه ويفجع في حبيبته ... لا يرى في الآخرين سوى أشباحا تحلق بأجنحة اللعنة وبدل ان تنزلق في العالم السفلي ... مع الموتى ... يحولها إلى بوم وغربان و "شارونيات"... تحلق في سماء الأحياء... تتكاثر... لتخفي هالة القمر مع سائر الروامس والخفافيش... لعنة فيردي مع الأحدب... تنسينا العشق ... إذ نَفقد الإحساس بالجمال عند غروب هالة القمر في ظل أجنحة خفافيش الظلام…
من اجل ذلك نظمت قصيدة "سوبرانو العشق"... في حوار اشبيلية زمن أندلس العرب باشبيلية زمن حلاق روسيني ... حيث تتحول حواء "المعتمد" و "ابن زيدون" ... وزرياب كرمز للشاعرية وكمصدر للإلهام... والبسمة والبهجة... إلى مجرد نساء متقلبات كريشة في مهب الريح... عند فيردي.
برادة البشير
فاس في :05/10/2018
 
***********************************************************
قصيدة سوبرانو العشق
***************
 
 
العشق … في شرقنا …
بالشِّعر… بالنحت…
والايقاع …
دبيبٌ … يَسري
في شرايين الوجدان…
كأريج الورد …
بذكاءٍ … فواحِ.
*****************
 
الايقاع… إِفصاح…
والإفصاح شقيق …
الإِعراب…
وما الإعراب سوى …
تعريبٌ...
أصواته … مؤنثة …
في رقه حواء …
في دفئ النَّسيبِ…
فكيف للعشق؟…
أَن يَحن… لصليل …
رماح … و سلاحِ.
*****************
 
 
يا زمان الأَندلس…
إيقاعكَ … مؤنسي
لا يستوي…
توقيعُ … عودكَ …
إلاَّ … في مجلسِ …
كرقصة … فاتنةٍ …
على ايقاع ربابٍ …
يغازل العين…
كهالة بدر… تتهادى …
على صفحة ماء…
بخفة… مُلَحٍ… مِلاحِ .
*****************
ظلمتمُ… إشبيلية…
بإلحاق …
"حلاقكُمُ" … برقتها …
فإيقاعكَ "روسيني" …
سليل "بكاء" كنيسة…
و"حراك" بهلوان …
لا تُسْعدُ النفسَ … بالهرج…
فليس … كل إيقاع …
في العشق… كالشعر…
مباحِ.
*****************
 
 
 
 
 
تطيل "شاديةُ"…
إشبيليه… الصوت…
بُحَّتها تسحر الأُذْنَ …
إذ... تداعب الانامل …
عودا …
تبدو "زخرفة الصوت"…
في لحن "روسيني" …
كجرةِ شمعدانٍ …
بمرمر …
جرةٌ… تَفُضًّ الجمع…
بأُذن … "مُغمضة" …
بوشاحِ.
*****************
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
كأَنَّ ايقاع… زِرْياب …
"خُلِقَ" لأصوات …
مؤنثة …
أصواتُ "دِمْنَةٍ"…
تحكي … زمان "أُورْنِينَا" …
للنفس شفاء…
فِعلها في الروح …
كفعل قانون الفارابي…
مُضحكٌ… وباكٍ … ومنومٌ …
بالرقة… يُخصب العشق…
بلحنٍ … كلقاحِ.
*****************
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
أُذن… "الضَّاد" …
لا كأُذن" الغَيْنِ"…
متى داخلت "غينٌ"…
لفظةً أو لحنا…
أهَلَّت … بالنفس…
غما … غربة … وغرابة…
غيما وغيظا …
أَدْخَلَ عين العشق…
غَبَشًا ...
يلف الروح … غباء … وغثًا …
مشاعر… تكسو النفس…
"غِلا"… وغموضا …
فتنوب "الغَمغمة" …
عن صفاء… الإفصاحِ.
*****************
 
 
 
 
 
 
الهرج … يا "روسيني"…
كالزعيق…
نشاز … يستضيف …
نعيق غرابٍ …
وصفير بوم ٍ …
فالغمغمة لغة…
تَمُجُّها … روح حوائي…
كأي … عاشق…
لحنكمُ … روسيني…
عندنا … غير … متاحِ.
*****************
فالبهلوان… يا روسيني…
للسرك …
والقفز… للرياضة …
والايقاع… كالشعر …
كالرسم… للذوق …
الذوقُ … لا يصافح…
في العواطف…
غير العشق …
عشق… رموزه … حاله…
تحتاج … لشُرَّاحِ.
*****************
 
لا يذوق … طعم العشق …
مُهرج …
فالإيقاع من نسل… الحال …
وحال العشق … وجدانٌ …
مخاضه … يموج بمعان…
رموزها… أبلغُ…
تحتاج… لذوقٍ… كمفتاحِ.
*****************
إيقاع إشبيليه …
لا كقعقعه "حَلاقكمُ" …
فتوقيع روسيني …
بمطرقة على سندان …
لا يناسب … رقة عود …
و حنو… رباب…
ونداء نايٍ …
زمانكِ إشبيليه زمان…
"إعتمادِ"…
بإيقاع عين "ساهرة" …
يداعب رموشها …
نعاس …
عند… إطلالة … الصباحِ.
*****************
 
 
يَفتح … "رُوغِيلِيتُو" ثغره …
كإبنته "جِيلْدَا" …
فمٌ… يُفتح وُسعهُ…
كذا… فورة "العشق" بالغرب…
لا ترضى…
بغير … جلجلةً…
تعانق جعجعةً …
في … صياحِ.
*****************
 
وعشق "ولاَّدة"…
ك"اعتماد" …
لحنه بهمس ليلاي…
يداعب عيني…
دون "تمتمة" …
همسُ عينِ راقصةٍ …
تُذيب الصوت…
في "مُدام" وصالٍ …
وصالنا … شفاف…
كماء… قُراحِ.
*****************
 
 
عواطف العابرين …
بالأُوبِيرا …
أَوتارهمُ تقطع …
الانفاس …
عند المد … وعند الجزر…
إيقاعهم يهوِي بالجسم …
عند الملاط…
كَنَيْزَكٍ عند السقوط من دورة…
اشْتَكَى… من… بُطاحِ.
*****************
حَمدا ل "سوبرانو"…
ترقص بصوتٍ …
على "بساطٍ" …
ولو اعتلت "منبرا" …
لكانت نهاية الصراخ…
رضوضا …
عند عناق … البِطاحِ.
*****************
 
 
 
 
 
 
كذلك … فعلت افريقيا …
بالغرب …
في الرسم … والايقاع…
فأَشْعَلَ "الجازُ" …
نارَ حراكٍ …
عمَّ الجوارح … والوجدان …
بهُياج …
استحق… للفرجة أفواجا …
مِن… سُياحِ .
*****************
صدق من قال :
"روما الشمال منتصرة"…
دامت مهزومة…
انهزامٌ … تَبَنَّى … ثقافةَ الجنوب …
فخنوع… الأبدان…
أَهْوَن… من هزيمةِ...
الأَرواحِ.
*****************
 
 
 
لو … هَلَّ المُوصِلِي…
او بُعِثَ زرياب…
لَرَقَّ … لحالهم…
فالعشق عند أهل الضاد …
برقه النسيب …
لحنٌ… كهمسٍ…
يناجي… رموز العين…
دون "قفز" …
او "انبطاحِ".
*****************
أَسالُ … في براءة…
طفلتي…
ما الفرق ؟…
بين بهلوان… ومهرج…
ف"جَذْبَة " …
إيقاعكمُ… يُوهم سامعا…
بمتعةٍ …
وعدكمُ… وعيد…
للروح عذابٌ…
يخنق ...أنفاسي…
بدلَ … انشراحِي.
*****************
 
 
 
 
كأي … عاشق…
قُدَّ … مزاجه بشعرِ…
العشق…
تنفر … روحي …
من مقام "حلاق إشبيليه "…
ميزانه … مطرقة وسندان…
إِيقاعٌ من جنس "بوبو" …
على لسان أُمٍّ بروما …
أُمٌّ ...تحذر طفلا …
"هانيبال على الابواب"…
تحذير… يقمع عواطف…
انْفتاحِ .
*****************
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
فحلاق روسيني …
كأحدب "فِيرْدي" …
كلوحات "غُويا" …
كزهور "بودلير" …
كهذيان "رامبو" …
"لوحات" شؤم …
مشاعُر روامسٍ …
اللمسة مختلفة … واللعنة …
واحدة …
فمتى احتاج زرياب او ابن زيدون…
لمقطوعة افْتتاح…
الشاعرية… لا تحتاج لإِيضاحِ.
*****************
 
 
 
 
 
لا يرقص …
في حضرة العشاق…
من أهل الضاد …
إلَّا فاتنةٌ … بَهَاؤها …
يُسكرُ الروح … بالعين…
قبل سكرة الأُذْن…
باللحن…
فكيف يُطربني…
أحدبُ فيردي؟ …
وهل ينعش روحي…
"مقصُّ" حلاق روسيني…
ظلمةٌ…
تحتاج ...لِكَمْ … مِصباحِ.
*****************
ما ابعد لعنة فيردي…
ومقص روسيني …
عن "موكب الربيع" …
لفيفالدي …
فمتى صافح صوت …
الحسونِ … نعيق غرابِ…
ظلامكم… يحمومٌ …
يحتاج لصيحة ديك الضاد …
في كُلِّ صباحِ.
© 2024 - موقع الشعر