متناقضات - حمدي الطحان

( معكوسات ) للشاعر حمدي الطحان
1 - شيخنا الجديد
____________________
قد كان أهلُ قريتي يُعظّمون قدرهُ
وإن رأوه صفّقت قلوبُهم وسلّموا وقدّموا
وقد بدا لهم كما الملاك طاهرًا
ومثلما النُّجُوم في السّماء ساطعا
وكان دومًا باكيًا ومُبكيًا إذا ارتقى لخُطبةٍ
وكم ترى بصوته تهدُّجًا ورحمةً
وغضبةً وثورةً
وصدق ناصحٍ مُبرّإٍ عن الهوى
وكان رغم فقره يبدو غنيًّا مُترفا
وظلّ عن كلّ الحُطام في دُنانا صادفا
وما ابتغى من وعظه إلّا الرّضا من ربّه
وقد وفى ...
وفي صلاة جُمعةٍ لم نلقهُ
إذ أُوقفا
ثُمّ اختفى ...
وحلّ في مكانه شيخٌ جديدٌ قد بدا في البدء غرًّا واجفا
ثُمّ ارتقى لقمّةٍ مرموقةٍ وما اكتفى
وصار يسكنُ النُّهى وللنُّفوس خاطفا
وصفّقت لهُ القلوبُ مثلما قد صفّقت لمن عفا
ونال ممّن قد مضى وأسرفا
ولم يُرى من بيننا من ذاد عن مُغيّبٍ أو احتفى
ولم يجد في جمعنا مُدافعًا ومُنصفا ...
ولم يعُد إذا رآهُ بعضُنا مُقدّمًا مُكرّما كما رأوهُ آنفا
ولم تعُد تلك القلوبُ تنتشي إذا التقتهُ ماشيًا
أو واقفا .... .......
 
2 - لأُقتّلنّك ..
_____________
قابيلُ صاح في أخيه حانقًا مُهدّدا
لكنّ هابيل الجميل لم يمُدّ رغم قُوّةٍ يدا
وظلّ ناصحًا لمن بغى عليه واعتدى
وفارق الدُّنيا التي قد عافها
لربّه البرّ الرّحيم طائعًا مُوحّدا
وشاكرًا وحامدا
وعاش قابيلُ الذميمُ بُرهةً مُقبّحًا ومُبعدا
وزاد نسلُهُ
وفي كل البلاد قد بدا
ولعنةُ الدّماء تقتفي خُطاهُ في الحياة والرّدى...
لكنّ قابيل الذي قد مات قبلًا منذُ آلاف السّنين
صار في عصر الترقّي ليس يُحصى ، عدّ رملٍ قد غدا
أمّا العجيب أنّهُ
ما عاد ملعونًا هُنا
بل بات فينا مُلهمًا مُمجّدا ........
 
3 - خميلتي وشجرة اللبلاب
_________________________
تعلّقت بذيل ثوبها القشيب نبتةٌ ضئيلةٌ
خجولةٌ ضعيفةٌ
تتوقُ للهواء والضّياء
تموتُ إن لم يحتضن خريف وجهها الفضاء
فأقبلت تضمُّها لصدرها
وطأطأت أعطافها
حتّى استوت بجذعها
ثُمّ ارتقت غصونها
وللذُّرا تسلّقت .. تسلّقت
حتّى اعتلتها كلّها
ولم يزل طموحُها بلا انتهاء
وأحكمت تلك التي تمسكنت حتى علت حصارها وشرّها
وأبعدت عمّن تفانت في عطائها
وعطفها وبرّها السّماء والدّماء
وهكذا يا رفقتي كان الجزاء !!!
 
****************************
 
................................. للشاعر حمدي الطحان
© 2024 - موقع الشعر