نبالُ الدهر... - يحيى يسين

نِبَالُ الدَّهرْ...
 
ما ليْ عنِ الدَّمعِ المُراقِ مَحيدُ
فبهِ ابتُليتُ و آلفَتْهُ خدودُ
 
قلبٌ خَلِيٌّ مِنْ عَذاباتِ الهَوى
لكنَّهُ همٌّ عَتا و يزيدُ
 
و مَنازفٌ للرُّوحِ في جَنَبَاتِها
بِنِبَالِ دهرٍ ما لها تعديدُ
 
و حياةُ تِيْهٍ في ظلامٍ مُطبقٍ
و عيونُ ذئبٍ تَقتفيْ فيَصيدُ
 
أوَ كلَّما جادَ الزمانُ بِما لَهُ
كنتُ الذيْ منهُ الزمانُ يجودُ؟!
 
أمْ كلَّما احتجتُ الثباتَ حُرِمتُهُ
لتضيقَ بيْ هذِيْ القفارُ البيدُ؟!
 
إنِّيْ و إنْ جاهدتُ في طلبِ المُنى
أَلقَى الخطوبَ على مُنايَ تميدُ
 
فلِمَ الوضيعُ إذا سَعَى مُتَقَبَّلٌ
و لمَ العزيزُ و سعيُهُ مردودُ؟
 
و اللهِ لو ذَهباً مَسَكتُ لَعَابَهُ
صَدَأٌ،فحظِّيْ في الحُظوظِ حديدُ
 
حتى الفراتُ فلو ودِدْتُ وُرودَهُ
لوجدتُ قدْ شابَ الفراتَ صديدُ
 
حظٌّ بهِ صَمَمٌ إذا ناديتُهُ
أعْمَى العيونِ و خاذلٌ رِعْديدُ
 
فإذا الحسودُ رآهُ عفَّتْ نفسُهُ
وا حسرتيْ يا ليتَنِيْ محسودُ!
 
لو كنتُ مُلِّكْتُ الحظوظَ لَقدتُهُ
لكنَّهُ مَلِكِيْ فكيفَ أقودُ!
 
إنْ شئتُ يأبَ مَشيئَتيْ و هُوَ الذيْ
إنْ شاءَ أرغَمَنِيْ بما سيكيدُ
 
يَطغىْ عليَّ و ما يدايَ ترُدُّهُ
و يجيدُ ما ليسَ الأنامُ تجيدُ
 
و يزيدُنيْ كُرَبَاً إذا عاتبتُهُ
عمَّا أُؤمَّلُ بابُهُ موصودُ
 
حالِيْ بهِ كالماءِ إنْ رامَ الذُّرى
يَشقىْ بما قدْ رامَ ثُمَّ يعودُ
 
يحيى يسين
© 2024 - موقع الشعر